للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيها الإخوان: أعيذكم بالله وبشرف الثقافة وبروح الجدّ من عصركم أن تهتمّوا بالماضي دون الحاضر أو بالحاضر دون المستقبل.

صِلوا مستقبل الثقافة الإسلامية بماضيها البعيد، واقطعوا من هذه السلسلة الطويلة عدّة حلقات هي هذه القرون الخمسة، فلا تمروا بها إلاّ للعظة والاعتبار، إذْ ليس فيها ما يُشرِّف ولا ما يحسّن سمعة المسلمين.

ستفترقون غدًا وسيقول الناس عنكم ما يقولون، فاحذروا أن يقولوا عنكم بعد الآن ما كانوا يقولون: إنهم قوّالون، وإنهم مازالوا حيث كانوا وكان أسلافهم الأقربون، يقولون كثيرًا ولا يعملون شيئًا، وإن عالَم العمل لم يعرف لعلماء الدين منهم فضيلة إلّا التلقيب "بصاحب الفضيلة".

ان من ورائكم ومن بين أيديكم وعن أيمانكم وعن شمائلكم عالَمًا عرف المؤتمرات، وعرف كيف يستفيد منها، وعرف كيف يجعلها أداة للأعمال ووسيلة إلى المفيد، وانهم يرقبونكم بالنظر الفاحص والفكر الناقد، فاعرفوا كيف تدفعون هذا الازدراء.

لا تفترقوا حتى تقرروا إعادة هذا المؤتمر وتجعلوه سنّة سنوية، وأن يكون الحديث عليه ملء النوادي وشغل الألْسنة، واجعلوه كالشمس لا تغرب اليوم إلّا تشرق غدًا، ولا تغيب إلّا تترك الشوق والانتظار.

وهاتوا الحديث عن منابع الثقافة الإسلامية في عصركم الحاضر: الأزهر والقرويين والزيتونة ومعاهد الشام والعراق والهند. إنها محتاجة إلى الإصلاح، وإنها مفتقرة إلى التوحيد، وإنها في حاجة إلى التوجيه الصالح.

<<  <  ج: ص:  >  >>