للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بذلك بلوغ غرض وإقامة دليل، وانه ليحاكم مدرسة بعينها ويترك ما بين أيديها وما خلفها من المدارس، ليذكرنا دائمًا أنه هو هو وأنه بالمرصاد وأنه إذا شاء فعل، ومن مكره الكُبَّار أنه يفحش في المحاكمة ويغلظ فيحاكم المعلمين على الصورة التي يحاكم بها المجرمين في مجلس واحد، وينادي مناديه على متهم بسرقة وعلى متهم بتعليم القرآن، أو بفتح مدرسة بلا رخصة، وكثيرًا ما يكون يوم المحاكمة هو يوم الجمعة فاسمعوا وعوا ...

أيها الإخوان:

هذه المدارس التي تعتمد ماديًّا على الأمة وحدها، وأدبيًّا على جمعية العلماء وحدها مفتقرة إلى مدد متلاحق من المال والنظام، وان الأول لألزم من الثاني ومقدم عليه، فإن النظام لا تطمئن قواعده إلّا بالمال، وان قلة المال هي السبب الوحيد فيما يبدو على مدارسنا من اضطراب وخلل، وخذوا مثلًا جزئية واحدة وهي لجنة التعليم والتفتيش، فإن عددًا ضخمًا من المدارس والمعلمين والتلامذة مثل هذا يحتاج إلى إدارة خاصة بمديرها وكتابها ومفتشيها ولوائحها وملفاتها تكون مرجعًا للجمعيات المحلية فيما يخصها، وللمديرين والمعلمين فيما يخصهم، وفيصلًا في الخلاف الذي ينجم، والإشكال الذي يطرأ، ومسؤولة عن كل كبيرة وصغيرة من أمر المدارس، وعن التفتيش والمراقبة للامتحانات، وقد تنبه المجلس الإداري لهذا كله، وتبين فائدته ولزومه، من أول هذا الطور، فكون لجنة التعليم من قدماء المديرين، وبعض أعضاء المجلس الإداري، وأسند إليها كل ما يتعلق بالتعليم، وزودها بالأدوات اللازمة، فقامت بأعمال نافعة ووضعت اللوائح والنظم، ونظمت التفتيش، وبدأت التجربة بواحد، وقطعت سنتين في تجربة كانت مشجعة في الجملة، ثم استأنفت العمل، ونقَّحَتْ كل ما لم يظهر صلاحه من اللوائح، وقد مضت عليها أربع سنوات ولم يقع فيها تجديد، ولم يظهر على أعمالها تقدم، بسبب فقد الأموال اللازمة، وحسبكم أنها كلفت الجمعية قريبًا من مليون فرنك في سنتها الأولى، وقد قدمت للمجلس الإداري بعد اجتماعها الأخير، وبعد إنجازها لأعمالها، تقريرًا وافيًا عن حالة التعليم مستقاة معانيه من تقارير المفتشين والمديرين، واقترحت مقترحات مفيدة ضرورية، وقدرت لتنفيذها. على أكمل وجه مليونين ونصف مليون من الفرنكات، وانه لمبلغ نزر بالنسبة إلى ما يترتب على تلك المقترحات من الفوائد، ولكن أين هذا المبلغ من المال؟

أصارحكم بأن من الموارد المالية التي خصصناها للجنة- اشتراكات سنوية فرضناها على المدارس بنسب متفاوتة بحسب ضعفها وقوّتها، وأشرنا عليها أن تحتسبها من نفقاتها العامة، ولكن كثيرًا من المدارس لم يدفع ذلك المبلغ التافه سنتين، تعللا بالأزمة، مع تكرر الطلب وان هذا لأحد الأسباب في كثير من التقصير والخلل الذي نعترف به منصفين، ولكننا لا نرضى أن نتحمل مسؤوليته وحدنا بل المسؤولية ملقاة على الجمعيات المحلية ومن ورائها الأمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>