للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأوصيه بإتقان القديم وتصحيحه، قبل التفكير في الجديد، فإن تشعب الأعمال مضيعة لجميعها، وان إصلاح الموجود خير وأجدى من السعي للمفقود.

وأوصيه بالانسجام فإن لا يكن طبيعيًّا اكتسبه، وان لا يكن موجودًا اجتلبه.

وأوصيه بالتضامن في السراء والضراء، والتعاضد في الآراء والأعمال، فإن التخاذل أول مراتب الخيبة.

وأوصيه بالصدق في الحال وأن يكون ظاهره كباطنه فإن الأمة تنظر إليه نظرة الإجلال، فليكن أهلًا لهذا الإجلال.

وأوصيه بأبنائنا المعلمين خيرًا فهم جند الجمعية وحراسها، وهم قوة الجمعية وسلاحها، وهم القائمون بأشرف أعمالها، وهو التعليم، فليأخذهم بالنظام فهو أضبط لأحوالهم وأعون لهم على أعمالهم، وليكمل نقص ناقصهم بالإرشاد، وليكن وسيطًا حكيمًا بينهم وبين الجمعيات المشاركة لهم في العمل، فهما جناحا الجمعية اللذان تحلق بهما إلى الكمال.

وأوصيه بالشباب فإنهم ذخر الغد، وأمل الأبد، ورأس مال هذه الأمة، فليلابسهم، وليغرس فيهم حب دينهم ولغتهم ووطنهم وتاريخهم، وليقو فيهم ملكة الاعتزاز بها، وليبسط في آمالهم الوطنية، وليرضهم على الفضائل الشرقية، وليجمع قلوبهم على الإسلام وكتابه، وألسنتهم على لغته وآدابه، وليتألف شاردهم بالرفق والأناة، فإن للشباب نزوات، وليقو رجاءهم في الحياة، "فإن اليأس يخترم الشبابا": ولْيُرَبِّهم على التقليل من الأقوال، والتكثير من الأعمال، وليوجههم إلى حياة الشرف، حياة العلم مقرونًا بالعمل، فهذه سمة العصر وشبابه، وليربط حاضرهم بماضيهم، فقد أوشكت الصلة بينهما أن تنقطع عندهم، وأوشك الاستعمار والحضارة الغربية أن يتركاهم بلا ماض، فالقارىء منهم يعرف عن نابوليون أكثر مما يعرف عن عمر، والأمي منهم يجهلهما معًا، ولا ذنب لهم في ذلك، وإنما الذنب ذنب الزمن الغادر والعصر الفاجر، وليحملهم على التحابب فإن الحب رباط القلوب وإن الحب يثمر الاتحاد.

وأوصيه بالأمة الجزائرية المسلمة، فليكن لها تكن له.

أيها الإخوان أيها الأبناء:

أودعكم بمثل ما استقبلتكم به من التحيات المباركات الطيبات، تحية الأبوة للبنوة، وتحية القرابة والأخوة، وتحية الشيخوخة للفتوة، وتحية الضعف للقوة.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

<<  <  ج: ص:  >  >>