للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[قضية فصل الدين]

ومن فروع هذه القضية:

الحجّ *

ــ

سكتنا - متعمّدين- عن المهازل التي جرَتْ في حجّ هذه السنة، فلم نبادرها بالنقد جزئية، ولم نعالجها بالتجريح واحدة واحدة، مع أنها حقيقة بذلك، ومع علمنا بأن أصلها باطل، فهي باطلة: ولكننا سكتنا حتى ينتهي الشريط وتتمّ الرواية التي ابتدأت فصولها يوم أعلنت الشروط والأسعار والمواقيت إلى يوم سافرت السفينة في بحرين: بحر من الماء وبحر من الفوضى والاختلال.

سكتنا- مع مرارة السكوت- لا رضى بما تصنع الحكومة في شعيرة إسلامية محضة، ولا إقرارًا لعبثها بديننا، ولكننا سكتنا انتظارًا لانسدال الستار حتى تقوم الحجة وتنقطع المعاذير، فنضيف قضية الحج إلى قضايا المساجد والأوقاف والتعليم الديني، ونحمل الحملات الصادقة في سبيل تحريرها، فلتعلم هذه الحكومة السائرة على منهج لا يتبدّل في احتكار أمور ديننا أننا سائرون على منهج لا يتبدّل في المطالبة بحقّنا الديني الطبيعي، وفي التظلّم منها والتشنيع عليها، وأننا لها بالمرصاد.

كان المتفائلون يظنّون- وبعض الظن إثم- أن الحكومة تنفض يدها من مسألة الحج في هذه السنة. فإن لم تنفض يدها بالمرة صحّحتْ أخطاءها القديمة، وعدّلت آراءها السقيمة، ووسعت الدائرة وخفّفت الشروط، ولم تتمسّك إلا بما هو حق لا ينتقده أحد مثل التلقيح وتحديد العوض النقدي.

وكانوا يظنّون أنها اتعظت بأحداث الدهر وتقلباته، واستعادت بعض رشدها الذي فارقها يوم كانت (تحجج) في كل سنة بضعة من صنائعها على طيارة، ترسلهم دعاة ليسبحوا


* نشرت في العدد ١١ من جريدة «البصائر»، ٢٠ أكتوبر سنة ١٩٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>