للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كل حق، وعشره العاشر سادة مفروض لهم التمتع بكل حق، وبين الفريقين فريق انفصل عن الأول ولم يصل إلى الثاني، وهو الذي ترونه.

...

تغير الكون وما فيه، ولم تتغير الحكومة الجزائرية في نظرتها إلى الدين الإسلامي والمسلمين، فالدين الإسلامي مملوك للحكومة الجزائرية، تحتكر التصرّف في مساجده ورجاله وأوقافه وقضائه، وقضية فصل الدين عن الحكومة معلقة بين السماء والأرض، لا يهبط بها إنصاف، ولا يصعد بها عدل، وواقفة بين حكومة فرنسا وحكومة الجزائر موقف التنافس، تلك تحكم بالفصل قولًا وهذه تحكم بالوصل عملًا، وهي تماطل في الفصل لأنها لا تريده، وهي تهيئ الوسائل لتعطيل تنفيذه، أو لجعله صورة بلا حقيقة، وجسدًا بلا روح، وهي تملك من وسائل التعطيل مجلسًا يقدم البحث في مرتباته وألقابه على البحث في مصالح الأمة التي لم يكن لها في تكوينه رأي، ولا في انتخابه حرية.

والتعليم الديني في هذا الوطن المسلم معطل بتعطيل المساجد، ومئات الآلاف من شباب المسلمين تتشوق إلى تعلم دينها، ولكن مساجدهم الموقوفة لذلك مغلقة في وجوههم، والدين الإسلامي وتعلمه وتعليمه حق طبيعي وضروري لتسعة ملايين من المسلمين، ولكنهم محرومون منه، والتعليم العربي في هذا الوطن العربي جريمة يعاقب مرتكبها بما يعاقب به المجرم من تغريم، وتغريب وسجن؛ ومدارسه تعاني من التضييق والتعطيل ألوانًا متجددة، ورجاله عرضة في كل حين للمحاكمات في المحاكم الجمهورية التي تتسم بوسمكم، والمحاكمات على التعليم جارية على قدم وساق في هذه الأيام، التي تسبق زيارتكم، كأنها إعداد لها، وابتهاج بها؛ ولو كانت قضايا المحاكم، وسجلات البوليس، وأعمال الحكام، مما يعرض عليكم، أو كان عمار السجون ممن يمثلون بين يديكم- لرأيتم من الأولى عشرات القضايا المتعلقة بالتعليم العربي في ضمن الجرائم والمخالفات، ولرأيتم من بين الآخرين كثيرًا من المعلّمين في عداد المجرمين! وإن قانونًا يمنع التعليم كيفما كان لونه، ويعاقب المعلم كيفما كان جنسه لهو قانون عدو للعلم!! فكيف تسيغه فرنسا (العالمة) وكيف تشرعه فرنسا (المعلمة)؟ ...

أيها الرئيس:

إن الشعب الجزائري قد أصبح- من طول ما جرب ومارس- في حالة يأس من العدالة، وتسفيه للوعود والعهود، وكفر بهذه الديمقراطية التي يسمع بها ولا يراها، وإنه أصبح لا يؤمن إلّا بأركان حياته الأربعة، ذاتيته الجزائرية، وجنسيته ولغته العربيتين، ودينه

<<  <  ج: ص:  >  >>