للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما ناموا عنه، فإما رجوع إلى الحق ونسخ لإذاعة الراديو بضدها، وإما مكابرة وعناد في الشمس وضحاها فيفتضحون وتتكشّف للأعين تلك اليد التي تسيرهم.

وذهبت أنا والأستاذ الشيخ الطيب العقبي وجماعة كثيرة من العقلاء، فبدأنا برئيس اللجنة. وتقدم من العقلاء من طرق الباب، وأفهم القضية من وراء حجاب، فتوارى ولم يرد الجواب، فتقدّم الشيخ العقبي بنفسه وخاطبه بالصوت الذي يعرف ففعل مثل ذلك، ففهم من لم يكن يفهم، وعلم من لم يكن يعلم، حقيقة هذه اللجنة، وأنها أداةُ إفساد للدين وتفريق لأهله، ورجعنا في السحر- بعد أن أفشينا العيد على أهل الحي- فأعلمنا الجماهير المحتشدة بالعيد وحثثناهم على إقامة سنّة الصلاة واستماع خطبتها، فانصرفوا يعلوهم جمال الإجماع وجلاله، مبشّرين بالعيد، محذّرين من هذه اللجنة، داعين لجمعية العلماء، هاتفين باسمها، ذاكرين لفضلها على الدين، شاكرين للعلماء الأحرار لطف مداخلهم في إقامة الحجة على أعوان الباطل وأدوات الحكومة.

وما طلعت الشمس حتى كانت الألوف من المصلين رجالًا ونساءً في الأماكن التي عيّنتها جمعية العلماء للصلاة، وعيّنت أئمتها، وأقيمت صلاة العيد وخطبته في أربعة مواضع من العاصمة على صورة لم يسبق لها نظير، روعة وجلالًا وسلفية.

صلّى وخطب في بطحاء جامع "بيلكور"، كاتب هذه السطور، وعيّن للإمامة والخطبة بمدرسة الحراش- الشيخ ربيع أبو شامة، وللإمامة والخطبة بجامع "سانتوجين "- الشيخ أحمد سحنون، وللإمامة والخطبة بمدرسة سلام باي- الشيخ سعيد صالحي.

...

وأحقَّ الله الحق، وأبطل الباطل، وفرح المؤمنون بنصر الله لدينه، ولاذ اللطيم بأمّه يشكو وينتصر، فأصبحت المساجد محاطة بشراذم من البوليس تحمي بيوت الله من عباد الله، وكانت هذه الفعلة أكبرَ سيئات اللجنة البغيضة، ورجحت العاصمة- التى هي ميدان الصراع- كفة الحق على كفة الباطل، وأوقف السائق الإلهي الأمور عند غايتها.

ثم كانت خاتمة الفضائح ما كتبه رئيس اللجنة في ذلك اليوم في جريدة "آخر ساعة" ... وقد تناولته الجرائد الإفرنسية وأفاضت فيه، وقد لفت الناس إليه اعتراف القاضي بأن المرصد قرّر أن هلال شوّال يولد ليلة الثلاثاء ويبقى ثماني عشرة دقيقة ... ولكنه قد لا يُرى لعوامل جوية. وسخّر الله صاحب الجريدة لنصرة الحق، فاستخرج من شهادة المرصد أن الهلال يبقى أكثر من خمسين دقيقة. وقرأ الذين سمعوا بلاغ الإذاعة هذا التناقض فقالوا: سبحان من يطبع على القلوب، ليجعل للحق أنصارًا من خصومه وأعدائه ...

<<  <  ج: ص:  >  >>