للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وهذه العقيدة هي التي شجعت الكثيرين من المتنبئين والكذابين على الله أن يدّعو النبوة بعد محمد صلوات الله وسلامه عليه , مثل الغلام القادياني الذي استشهد على تنبئه بكلام ابن عربي هذا (١) , وغيره من الدجاجلة الآخرين , مع تصريح رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون دجالون , كلهم يزعم أنه رسول الله , وأنا خاتم النبيين لا نبي بعدي) (٢).

ولكن ابن عربي يقول معاكسا لذلك في فتوحاته:

(ويتضمن هذا الباب المسائل التي لا يعلمها إلا الأكابر من عباد الله , الذين هم في زمانهم بمنزلة الأنبياء في زمان النبوة , وهي النبوة العامة.

فإن النبوة التي انقطعت بوجود رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما هي نبوة التشريع لا مقامها فلا شرع يكون ناسخا لشرعه صلى الله عليه وسلم , ولا يزيد في حكمه شرعا آخر , وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم: إن الرسالة والنبوة انقطعت , فلا رسول بعدي ولا نبي , أي لا نبيّ بعدي يكون على شرع يكون مخالفا لشرعي , بل إذا كان , يكون تحت حكم شريعتي ... فهذا هو الذي انقطع وسدّ بابه , لا مقام النبوة) (٣).

فهل يقول المتنبئون الدجالون الكذابون غير هذا؟

فإنهم لا يلتقطون إلا من موائد الصوفية وخوانها , ولا يستوحون إلا من أمثال شيخهم الأكبر.

ويقول ابن عربي كذلك مجيبا على سؤال الترمذي الملقب بالحكيم: أين مقام الأنبياء من مقام الأولياء؟ يجيب على هذا ويقول:

(وإن كان سؤاله عن مقام الأنبياء من الأولياء , أي أنبياء الأولياء - وهي النبوة التي قلنا أنها لم تنقطع , فإنها ليست نبوة الشرائع - وكذلك في السؤال عن مقام الرسل , الذين هم أنبياء فلنقل في جوابه: أن أنبياء الأولياء , مقامهم من الحضرات الإلهية الفردانية , والاسم الإلهي الذي تعبدهم (هو) الفرد , وهم المسمون الأفراد.

فهذا هو مقام نبوة الولاية , لا نبوة الشرائع. وأما مقام الرسل , الذين هم أنبياء فهم الذين لهم خصائص على ما تعبدوا به أتباعهم. كمحمد صلى الله عليه وسلم , فيما قيل له: (خالصة


(١) انظر جريدة الحكم القاديانية الصادرة ١٠ ابريل ١٩٣٠م المنقول من كتابنا (القاديانية دراسات وتحليل) ص ٢٨٦ الطبعة العشرون ط إدارة ترجمان السنة باكستان.
(٢) رواه أبو داود والترمذي.
(٣) الفتوحات المكية لابن عربي ج ٢ ص ٣.

<<  <   >  >>