للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وكذلك الشيعة والسنة (١).

وأما المتصوفة فيقولون بكل هذا , سالكين مسلك هؤلاء الضالة النحرفين:

(وفي النساك قوم يزعمون أن العبادة تبلغ بهم إلى درجة تزول فيها عنهم العبادات , وتكون الأشياء المحظورات على غيرهم من الزنا وغيره مباحات لهم) (٢).

وقالوا:

(إذا وصلت إلى مقام اليقين سقطت عنك العبادة , مؤولين قول الله عز وجل: وأعبد ربك حتى يأتيك اليقين) (٣).

ولقد أقر صوفي قديم بوجود هؤلاء المتصوفة ومن هم على منوالهم - وما أكثرهم - فقال:

(وأرتحل عن القلوب حرمة الشريعة , فعدّوا قلة المبالاة بالدين أوثق ذريعة , ورفضوا التمييز بين الحلال والحرام , ودانوا بترك الاحترام , وطرح الاحتشام , واستخفوا بأداء العبادات , واستهانوا بالصوم والصلاة , وركضوا في ميدان الغفلات , وركنوا إلى إتباع الشهوات , وقلة المبالاة بتعاطي المحظورات , والإرتفاق بما يأخذونه من السوقة والنسوان وأصحاب السلطان.

ثم لم يرضوا بما تعاطوه من سوء هذه الأفعال , حتى أشاروا إلى أعلى الحقائق والأحوال , وادعوا أنهم تحرروا من رقّ الأغلال , وتحققوا بحقائق الوصال , وانهم تجري عليهم أحكامه وهم محو , وليس لله عليهم فيما يؤثرونه أو يذرونه عتب ولا لوم , وأنهم كوشفوا بأسرار الأحدية , واختطفوا عنهم بالكلية , وزالت عنهم أحكام البشرية , وبقوا بعد فنائهم عنهم بأنوار الصمدية , والقائل عنهم غيرهم إذا نطقوا , والنائب عنهم سواهم فيما تصرفوا , بل صرفوا.

ولما طال الابتلاء فيما نحن فيه من الزمان بما لوّحت ببعضه من هذه القصة , وكنت لا أبسط إلى هذه الغاية لسان الإنكار , غيرة على هذه الطريقة أن يذكر أهلها


(١) انظر ص ٥١ , ٥٢ الطبعة الجديدة , الثلاثون. ط إدارة ترجمان السنة لاهور باكستان.
(٢) مقالات الإسلاميين للأشعري ص ٢٨٩. ط هلموت ريتز الطبعة الثالثة فرانزستايز ١٩٨٠ م.
(٣) اتحاف السادة للزبيدي ج٨ ص ٢٧٨ المنقول من كتاب نشأة الفلسفة الصوفية وتطورها للكتور عرفان عبد الحميد ص ٧٤. ط المكتب الإسلامي بيروت ١٩٧٤ م.

<<  <   >  >>