للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بسوء أو يجد مخالف لثلبهم مساغا , إذ البلوى في هذه الديار بالمخالفين لهذه الطريقة والمنكرين عليها شديدة) (١).

كما أقرّ بإباحتهم للمحظورات , الطوسي في كتابه:

(زعمت الفرقة الضالة , في الحظر والإباحة , أن الأشياء في الأصل مباحة , وإنما وقع الحظر للتعدي , فإذا لم يقع التعدّي تكون الأشياء على أصلها من الإباحة , وتأولوا قول الله عز وجل: {فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبًّا٠ عِنَبًا وَقَضْبًا٠ زَيْتُونًا وَنَخْلًا ٠حَدَائِقَ غُلْبًا٠ وَفَاكِهَةً وَأَبًّا ٠ مَّتَاعًا لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ}.

فقالوا: هذا على الجملة غير مفصل , فأدّاهم ذلك بجهلهم , إلى أن طمعت نفوسهم بأن المحظور الممنوع منه المسلمون: مباح لهم , إذا لم يتعدّوا في تناوله.

وإنما غلطوا في ذلك بدقيقة خفيت عليهم , من جهلهم بالأصول , وقلة حظهم من علم الشريعة , ومتابعتهم شهوات النفس في ذلك ... فظنت هذه الطائفة الضالة بالإباحة , لأن ذلك كان منهم على حال , جاز لهم ترك الحدود , أو أن يجاوزوا حد متابعة الأمر والنهي , فوقعوا من جهلهم في التيه , وتاهوا , وطلبوا ما مالت إليه نفوسهم: من اتباع الشهوات , وتناول المحظورات , تأويلا , وحيلا , وكذبا , وتمويها) (٢).

وذكرهم السهروردي بقوله:

(فقوم من المفتونين سمّوا أنفسهم ملامتية , ولبسوا لبسة الصوفية , لينتسبوا بها إلى الصوفية , وما هم من الصوفية بشيء , بل هم في غرور وغلط , يتسترون بلبسة الصوفية توقيتا تارة , ودعوى أخرى , وينتهجون مناهج أهل الإباحة , ويزعمون أن ضمائرهم خلصت إلى الله تعالى , ويقولون: هذا هو الظفر بالمراد , والإرتسام بمراسم الشريعة رتبة العوام , والقاصرين الأفهام المنحصرين في مضيق الاقتداء تقليدا , وهذا هو عين الإلحاد والزندقة والإبعاد , فكل حقيقة ردّتها الشريعة فهي زندقة , وجهل هؤلاء المغرورون أن الشريعة حق العبودية , والحقيقة هي حقيقة العبودية , ومن صار من أهل الحقيقة تقيد بحقوق العبودية وصار مطالبا بأمور وزيادات لا يطالب بها من لم يصل إلى ذلك , لا أنه يخلع عن عنقه ربقة التكليف ,


(١) الرسالة القشيرية ج١ ص ٢٢ , ٢٣ , ٢٤ , بتحقيق الدكتور عبد الحليم محمود.
(٢) كتاب اللمع للطوسي ص ٥٣٨ , ٥٣٩.

<<  <   >  >>