للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وروي عن سفيان الثوري رحمه الله أنه قال: لولا أبو هاشم الصوفي ما عرفت دقيق الرياء , وقد ذكر الكتاب الذي جُمع فيه أخبار مكة عن محمد بن إسحاق بن يسار , وعن غيره يذكر فيه حديثاً: أنه قبل الإسلام قد خلت مكة في وقت من الأوقات , حتى كان لا يطوف بالبيت أحد , وكان يجيء من بلد بعيد رجل صوفي فيطوف بالبيت وينصرف , فإن صح ذلك فإنه يدل على أنه قبل الإسلام كان يعرف هذا الاسم , وكان يُنسب إليه أهل الفضل والصلاح , والله أعلم) (١).

وبمثل ذلك قال السهروردي: (وهذا الاسم لم يكن في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم , وقيل: كان في زمن التابعين - ثم نقل عن الحسن البصري وما نقلناه عن الطوسي أيضا - ثم قال: وقيل: لم يعرف هذا الاسم إلى المائتين من الهجرة العربية) (٢).

وصرح عبد الرحمن الجامي:

(أن أبا هاشم الكوفي أول من دعى بالصوفي , ولم يسم أحد قبله بهذا الاسم , كما أن أول خانقاه بني للصوفية هو ذلك الذي في رملة الشام , والسبب في ذلك أن الأمير النصراني كان قد ذهب للقنص فشاهد فشاهد شخصين من هذه الطائفة الصوفية سنح له لقاؤهما وقد احتضن أحدهما الآخر وجلسا هناك , وتناولا معا كل ما كان معهما من طعام , ثم سارا لشأنهما , فسرّ الأمير النصراني من معاملتهما وأخلاقهما , فاستدعى أحدهما , وقال له: من هو ذاك؟

قال: لا أعرفه , قال: وما صلتك به؟.

قال: لا شيء. قال: فمن كان؟.

قال: لا أدري , فقال الأمير: فما هذه الألفة التي كانت بينكما؟.

فقال الدرويش: إن هذه طريقتنا , قال: هل لكم من مكان تأوون إليه؟.

قال: لا , قال: فإني أقيم لكما محلا تأويان إليه , فبنى لهما هذه الخانقاه في الرملة) (٣).

وأما القشيري فقال:


(١) اللمع للطوسي ص ٤٢ , ٤٣ , أيضا الفتوحات الإلهية لابن عجيبة الحسنى ص ٥٣ ط عالم الفكر القاهرة.
(٢) عوارف المعارف للسهروردي ص ٦٣.
(٣) نفحات الأنس للجامي الطبعة الفارسية ص ٣١ , ٣٢ ط إيران.

<<  <   >  >>