للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ونقل الشعراني عن سهل التستري حكاية باطلة غريبة تدل على أن الصوف كان لباس أصحاب المسيح , وهذا هو نصها: أن سهل بن عبد الله التستري كان يقول:

(اجتمعت بشخص من أصحاب المسيح عليه السلام في ديار قوم عاد فسلمت عليه , فرد علي السلام , فرأيت عليه جبة من صوف فيها طراوة , فقال لي: إن لها علي من أيام المسيح , فتعجبت من ذلك.

فقال: يا سهل إن الأبدان لا تخلق الثياب , إنما يخلقها رائحة الذنوب , ومطاعم السحت , فقلت له: فكم لهذه الجبة عليك؟

فقال: لها سبعمائة سنة) (١).

وذكر السهر وردي أيضا أنه كان الصوف لباس عيسى عليه السلام فقال:

(كان عيسى عليه السلام يلبس الصوف , ويأكل من الشجرة , ويبيت حيث أمسى) (٢).

ومثل ذلك ذكر الكلاباذي (٣).

(وعلى ذلك قال نولدكة ونيكلسون وماسينيون إن التصوف الإسلامي أخذ لبسة الصوف من الرهبان النصارى).

وزاد نيكلسون أشياء في مقالاته العديدة التي نشرت في دوائر المعارف , وجمعت بعضها باسم (الدراسات في التصوف الإسلامي وتاريخه) منها ما قاله تحت عنوان: الزهد في الإسلام:

(كان عرب الجاهلية على حظ قليل من التفكير الديني , وكان تفكيرهم في هذه الناحية مضطرباً وغامضاً. وقد شغلهم انهماكهم في متع الحياة ومتاعبها عن التفكير في حياة أخروية , ولم يخطر ببالهم أن يعدوا أنفسهم لحياة روحية وراء حدود القبر. وقد غرست المسيحية - لا الكنيسة المسيحية , بل المسيحية غير التقليدية وغير المنظمة - بذور الزهد في بلاد العرب قبل البعثة المحمدية , وظل أثرها يعمل عمله في تطور الزهد في الإمبراطورية الإسلامية في عصورها الأولى. ونحن نعلم أن المسيحية


(١) الطبقات الكبرى للشعراني ج ١ ص ٧٨.
(٢) عوارف المعارف للسهر وردي ص ٥٩ باب في ذكر تسميتهم بهذا الاسم ط دار الكتاب العربي.
(٣) التعرف لمذهب أهل التصوف لأبي بكر محمد الكلاباذي ص ٣١.

<<  <   >  >>