للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كم من الأعمال المحرَّمة استشهدوا لجوازها بهذه الآية، واعتبروها تعاوناً على البر والتقوى، وكم من الوسائل غير المشروعة اعتبروها تعاوناً على البر والتقوى، وكم من المجالات الممنوعة اعتبروها تعاوناً على البر والتقوى.

هناك جمعياتٌ تزعم عمل الخير، وتدَّعي أنها جمعياتٌ خيرية، تقوم بأعمالٍ غير مشروعة شرعاً، وتطلب من الآخرين دعمها ومساعدتها والتعاون معها، فتُصْدر ما أسمته " اليانصيب الخيري " -وهو المسمى في الشريعة " القمار "- وتزعم أن ثمن هذا اليانصيب مخصصٌ للأعمال الخيرية، وتجعل الآية شاهدةً لها، وشعاراً لعملها. و {تَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى}.

وهناك جمعياتٌ أخرى تستقدم فرقاً راقصة، وتعرض مسرحيات محرمة، وتقدم نساءً متبرجات، وأغنيات باطلة، وموسيقى فاجرة، وتزعم أن كل هذا تعاونٌ على البر والتقوى.

وبعض الناس قد يقومون بأعمال الغش والتزوير والخداع، ويجعلونها تعاوناً على البر والتقوى. فقد تجد طالبَيْن في الامتحان يتفقان على تبادل الغش فيه، ويعتبران هذا بِرّاً ومساعدةً وتعاوناً، ويهتفان لك: وتعاونوا على البر والتقوى.

وكل هؤلاء مخطئون في أعمالهم، مخطئون في استشهادهم بهذه الآية، وإن أعمالهم في الحقيقة تدخل ضمن القسم الثاني منها، إنها تعاونٌ على الإثم والعدوان.

ونلاحظ في هذه الآية أنها قرنت بين أمرين مباحين ووسيلتين مشروعتين، وهما " البر والتقوى "، كما قرنت بين أمرين محرمين ووسيلتين غير مشروعتين، وهما " الإثم والعدوان ".

وهناك آياتٌ أخرى فعلت ذلك. منها: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ

<<  <   >  >>