للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم

شرح: المحرر - كتاب الجامع (٢)

الشيخ: عبد الكريم الخضير

المراقبة والخشية لله -جل وعلا- حق، نصب عينيه، وأعراض المسلمين حفرة من حفر النار، يقول ابن دقيق العيد: وقف على شفيرها العلماء والحكام، المقصود أن مثل هذا الذي لا يتقي الشبهات لا بد وأن يقع في الحرام، كما أن الذي يسترسل في المباحات قد يبحث عن هذه المباحات التي عود نفسه عليها فلا يجدها، وحينئذٍ يتجاوزها إلى ما وراءها من المكروهات والشبهات، ثم بعد ذلك يبحث عن هذه الشبهات والمكروهات فلا يجدها، وقد ألفتها نفسه فيتجاوزها إلى المحرمات معللاً بأن الله -جل وعلا- غفور رحيم، لكن يغفل عن كونه شديد العقاب، عن كونه -جل وعلا- شديد العقاب، فعلى الإنسان أن يحتاط لنفسه.

((ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام)) نعم الذي يعتاد هذا الأمر لا شك أنه قد عود نفسه، واستمرأ على هذا الشيء لا بد أن يتجاوزه إلى غيره؛ لأنه قد يطلبه في وقت من الأوقات فلا يحصل له.

((ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام)) شرط جزاء ((كالراعي)) هذا مثال وتنظير مطابق، واستعمال للقياس الصحيح.

((كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه)) في رواية: ((يرتع)) الراعي يرعى حول الحمى، الحمى الأصل أن الملوك لهم دواب، ولهم مواشٍ يرتزقون من ورائها، مما لا يشغلهم عن ملكهم، ويحمون لهم الحمى، والنبي -عليه الصلاة والسلام- حمى لأبل الصدقة، وأبو بكر وعمر، فهذا الحمى إذا رعى هذا الراعي حوله، يعني كون الراعي يمر بأبله أو بغنمه على حافة هذا الحمى على نفس الحد، هل يأمن أن تدخل واحدة من هذه المواشي فتأكل من الأرض المحمية؟ لا يملك، لا بد وأن .. ، والغالب أن الأرض المحمية تكون أخصب من غيرها، فتند منه الشاردة من الإبل أو من الغنم فتأكل من هذا الحمى، وهو أيضاً إذا مشى على الحافة ولم يتقِ الشبهات لا شك أنه سوف يقع فيما حرم الله عليه.