للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

((والتولي يوم الزحف)) المقصود به الفرار عند لقاء العدو؛ لأن التولي في هذه الحالة مضعف للمسلمين، إذا تولى شخص وهرب ثم الذي بجانبه غلب على ظنه أنهم مهزومون؛ لأن هذا ما هرب إلا لسبب ثم تبعه، تبعه ثالث، ثم بعد ذلك انكسرت المعنويات، وهزم المسلمون، فلا يجوز التولي يوم الزحف إلا متى في صورة واحدة؟

طالب: متحرفاً لقتال أو متحيزاً إلى فئة.

نعم، متحرفاً لقتال أو متحيزاً إلى فئة، وما عدا ذلك لا يجوز؛ لأن هذا مما يتعين فيه الجهاد، فالجهاد يتعين إذا استنفره الإمام، وإذا حضر هنا عند لقاء العدو، وإذا دهم العدو بلده تعين عليه.

((وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات)) قذف المحصنات اللاتي لم يحصل منهن شيء مما يزاوله الفاجرات الباغيات الداعرات الغافلات اللاتي لا تخطر الفاحشة على بالهن، المؤمنات المتدينات العفيفات، فالقذف جرمه عظيم؛ لأنه يخدش العرض، ولا يقتصر على شخص، بل يسري إليه وإلى ولده ووالده، إلى المرأة وولدها ووالدها وزوجها، جريمة -نسأل الله السلامة والعافية-، ولذا جاء في الخبر وإن كان فيه ما فيه: ((قذف محصنة يحبط عبادة ستين سنة)) ولذا رتب عليه الحد، لو أن ثلاثة قذفوا محصنة ولو كانوا من أتقى الناس مع أن قذفهم إياها ينافي التقوى لحدوا وجلدوا حد الفرية، وجاء في وصف عائشة -رضي الله عنها-:

حصان رزان لا تزن بريبة ... وتصبح غرثى من لحوم الغوافلِ

غرثى، يعني: جائعة، إن كان ما عندها طعام إلا اللحوم النساء تجوع إيش المانع؟ هكذا ينبغي أن يكون المسلم أن لا يسلط لسانه على أحد، والقذف -نسأل الله السلامة والعافية- لأنه يدنس الأعراض، وأثره على المقذوفة، وعلى من حولها من أولادها وأبويها وإخوانها وأسرتها وزوجها وأسرة الزوج ومن قرب منهم كلهم يتدنسون بهذه الكلمة، فالأمر عظيم.

((الغافلات)) اللاتي لا تخطر الفاحشة على بالهن، أصل الغفلة: عزوف الشيء عن الذهن، يعني: لا يخطر على باله، فهؤلاء الغافلات لا تخطر الفاحشة على بالهن، وهل الغفلة عن كون الفاحشة لا تخطر على البال مدح وإلا قدح؟ مدح، وعلى هذا يفضل الغافل عن الفاحشة على من تخطر الفاحشة على باله ويجاهد نفسه عن اقترافها، أيهما أفضل؟

طالب: الثاني.