للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك لا عبرة للصنعة في هذا، فلو باعه ذهباً مصوغاً بسبائك وجب التماثل في الوزن بين البدلين، وامتنع أن يكون أحدهما أنقص من الآخر، لما دلّ عليه قوله - صلى الله عليه وسلم -: " ولا تبيعوا الوَرقَ بالوَرِقِ إلا مثلاً بمثل " فإن الورق يتناول الفضة المضروبة وغير المضروبة " وضربها صنعة لها.

٢ - ربا النساء: أي التأخير، وهو بيع المال الربوي بمال ربوي آخر فيه نفس العلة إلى أجل. ولا فرق في هذا بين أن يكون المالان من جنس واحد أم من جنسين مختلفين، وسواء أكانا متفاضلين أم متساويين.

ومثال ذلك: أن يبيعه مُدّ حنطة بمدّ حنطة - أو بمدّ شعير أو بمدّين إلى شهر. أو يبيعه عشر غرامات من الذهب بعشر غرامات من الذهب أو الفضة أو أكثر أو أقل، إلى يوم مثلاً أو أكثر.

وهذا التعامل أيضاً محرم وممنوع، لوجود معنى الربا فيه حقيقة، وإن لم يكن ظاهراً، فإن للحلول فضلاً على الأجل، فيكون في ذلك زيادة في أحد العوضين، وهو المدفوع حالاً.

وقد دل على هذا المنع قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث أبي سعيد رضي الله عنه السابق: " ولا تبيعُوا منها غائباً بنَاجز ".

والغائب هو المؤجل والناجز هو الحاضر، وكذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الآخر: " مثلاً بمثل، يداً بيد " وجاء أيضاً في حديث عباده رضي الله عنه: " فإذا اختلفتْ هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتُم، إذا كان يدً بيدٍ ".

[ومعنى قوله: " يداً بيد " أي مقابضة، بحيث يسلم كلِّ من المتعاقدين البدل الذي في يده في مجلس العقد، وهذا يستلزم الحلول غالباً].

٣ - ربا اليد: وهو أن يبيع المال الربوي بآخر فيه نفس العلة، دون أن يشترط في ذلك أجل بنفس العقد، ولكن يحصل التأخير في قبض البدلين أو أحدهما عن مجلس العقد بالفعل.

ودليل هذا: ما جاء في حديث عمر رضي الله عنه السابق: " إلا هاءَ وهاءَ " أي خذ وخذ، وهذا يعني وجوب التقابض فعلاً في المجلس.

<<  <  ج: ص:  >  >>