للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعضهم كربة بعض، فلربما تلكأ الناس عن دفع المال على وجه الهبة أو الصدقة، فيكون القرض هو الوسيلة الناجحة في تحقيق التعاون وفعل الخير، والله تبارك وتعالى يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} الحج٧٧

ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: " المسلم أخو المسلم: لا يظلمه ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرّج عن مسلم كربة فرّج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة " (أخرجه البخاري في المظالم، باب: لا يظلم المسلم ولا يسلمه، رقم: ٢٣١٠. ومسلم في البرّ والصلة والآداب، باب: تحريم الظلم، رقم: ٢٥٨٠). ويقول " والله في عَوْن العبد ما كان العبدُ في عون أخيه " (أخرجه مسلم في الذكر والدعاء والتوبة، باب: فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر، رقم: ٢٦٩٩).

وأبلغ حكمة لتشريع القرض هو القضاء على استغلال عوز المعوزين وحاجة المحتاجين، إذ الغالب أن المكلّف لا يقترض إلا وهو في حاجة، فإذا لم يكن القرض الحسن كان الربا وكان الاستغلال - كما هو الحال لدى مَن لا يتعاطون القرض الحسن - ولهذا جاء في الحديث أن أجر القرض يفوق أجر الصدقة. فقد روى أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "رأيت ليلة أسري بي على باب الجنة مكتوباً: الصدقة بعشر أمثالها والقرض بثمانية عشر. فقلت: يا جبريل: ما بالُ القرض أفضلُ من الصدقة؟ قال لأن السائل يسأل وعنده، والمستقرضُ لا يستقرض إلا من حاجة " (أخرجه ابن ماجه في الصدقات، باب: القرض، رقم: ٢٤٣١).

حكم القرض من حيث الوصف الشرعي القائم به:

مما سبق من أدلة على مشروعية القرض نعلم أنه مندوب في حق المُقْرض، مباح في حق المقترض. وهذا حكمه في حالته العادية، وقد تعتريه حالات يتغيّر فيها حكمه حسب الغرض الذي يقترض من أجله، فيكون:

- حراماً: إذا أقرضه وهو يعلم أنه يقترض لينفق المال في محرم، كشرب خمر أو لعب قمار ونحو ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>