للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك قد يكون المرء في السوق، فيشتري من السلع ما يحتاج اليه من مواضع متعدّدة، ولا يتمكن من حمل هذه الأمتعة والتجوّل بها من مكان لآخر، فيستودعها مَن يحفظها له ألى أن يقضي عمله.

وكثيرا ما يقتني الناس سلعا، قد لا يحتاجونها الآن، وإنما يحتاجون اليها في مستقبل الأيام، ولا يجدون المكان الذي يحفظونها فيه في دورهم ونحوها.

فالحاجة داعية في كل ما سبق الى الإيداع والاستيداع، والله تعالى يقول: "يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر" (البقرة: ١٨٥). فمشروعية الوديعة تيسير ومنعها عسر، وهو سبحانه يقول: (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) (المائدة: ٢). وفي مشروعيتها تعاون على البر، ومنع من الإثم والعدوان، والله تعالى أعلم.

[حكمها]

يتناول الوديعة الأحكام الخمسة، وهي:

١ - الاستحباب: فالأصل في الوديعة انها مستحبة، أي مندوبة، وذلك إذا كان الوديع قادراً على حفظها، واثقا من أمانة نفسه، وكان يوجد غيره ممّن هو مثله في الأمانة والقدرة على الحفظ، وذلك لما فيها من عون المسلم لأخيه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: والله في عون العبد ما دام العبد في عون اخيه". (مسلم: الذكر والدعاء، باب: فضل الاجتماع على تلاوة القرآن .. ، رقم: ٢٦٩٩).

٢ - الوجوب: ويصبح قبول الوديعة واجباً على الوديع، اذا عُرضت عليه وكان امينا واثقا من امانة نفسه وقدرته على حفظها، ولا يوجد غيره مثله، لأن في عدم قبوله لها تضييعا للمال، وفي قبولها صيانة لمال غيره، ورسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن اضاعة المال، وبيّن حرمة مال المسلم فقال: "حرمة مال المؤمن كحرمة دمه". فكما يجب على المسلم ان يدافع عن اخيه ويصونه من ان يسفك

<<  <  ج: ص:  >  >>