للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحمل العلماء قوله صلى الله عليه وسلم هذا على التقاطها للتملّك، وفي حال غلبة الظن ان صاحبها سيعثر عليها، لأن الغالب على أصحاب الإبل ونحوها إرسالها لترعى في الصحراء بلا راع، فالغالب أنها ليست بضائعة، فلا ينبغي التقاطها، ولذا أجازوا التقاطها للحفظ لا للتملّك زمن الأمن، أي يلتقطها بقصد ان يحفظها على صاحبها، لا ليتملكها ولو بعد تعريفها المدة المطلوبة.

وان وجدها في بنيان من مدينة او قرية جاز له التقاطها مطلقاً، لاختلاف حالها في البنيان عن الصحراء، إذ لم يعتد الناس إرسالها في القرى والمدن لترعى وحدها، ولأن من يمر بها هنا كثير فيخشى عليها، بخلاف الصحراء فإن المجتازين فيها قلة.

وقد دل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "ترد الماء وتأكل الشجر حتى يجدها ربّها" فإن سياقه يدلّ على ان ذلك يكون في الصحراء، حيث يوجد الماء والشجر ولا يوجد من الناس من يتعرض لها، وهذا المعنى لا يتحقق في المدن والقرى.

ب وإن كان الحيوان لا يمتنع بنفسه: إما لضعف ذاتي فيه كالغنم ونحوها، وإما لعجز طارئ كبعير مريض او فرس مكسور، جاز التقاطه في الصحراء وغيرها، وللتملّك وغيره.

وقد دلّ على ذلك: ما جاء في حديث خالد بن زيد رضى الله عنه انه صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عن ضالة الغنم؟ فقال: "خذها، فإنما هي لك، أو لأخيك، أو للذئب" أي إما أن تأخذها أنت وإما أن يأخذها غيرك وإما أن يأكلها الذئب.

وقيسَ على الغنم غيرها مما في معناها من الحيوان الذي لا يمتنع بنفسه.

٢ - وإن كان الشئ الضائع غير حيوان: جاز التقاطه مطلقاً كالحيوان غير الممتنع، على التفصيل الذي عرفته في حكم اللقطة من حيث الوجوب وعدمه.

<<  <  ج: ص:  >  >>