للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حكمة تشريع الوكالة]

إن الله تعالى خلق الناس متفاوتين في المواهب والقدرات، وفتح لهم أبوب الرزق، ويسّر لكلٍّ منهم سبيلاً أو أكثر من سبل الكسب والمعاش.

فمن الناس مَن أوتي القدرة والكفاءة التي تجعله على استعداد لأن يباشر جميع أعماله بنفسه، إلا أنه قد تتوالى عليه الشواغل وتتزاحم عليه الأعمال، فيضطر إلى مساعدة الآخرين والاستعانة بهم.

ومن الناس مَن لم يؤتَ من القدرة والكفاءة ما يؤهله للقيام بأعمال قد يكون وبأمسِّ الحاجة إليها.

وقد تكون لديه القدرة والكفاءة، ولكن تنقصه الخبرة في عمل من الأعمال أو مصلحة من المصالح.

ومنهم مَن يكون صاحب حق، ولكنه لم يؤتَ من الحجة واللسن، والفصاحة والبيان، ما يجعله قادراً على أن يظهر حقه ويدافع عن نفسه، وقد يكون خصمه الحن منه في حجته، فيقلب باطله حقاً.

من اجل ذلك كله كانت الحجة ماسة لكثير من الناس ان يعتمد على غيره، ويستفيد من خبراته في بعض اعماله، قليلة كانت ام كثيرة، فكانت المصلحة في تشريع الوكالة، سدا للحاجة وتيسيرا للمعاملة، ورفعا للحرج الذي جاء شرع الله تعالى برفعه اذ قال: "ما جعل عليكم في الدين من حرج" (الحج: ٧٨).

[حكمها]

قلنا: إن الوكالة جائزة ومشروعة، والأصل فيها الإباحة.

وقد تكون مندوبة: إن كانت إعانة على مندوب.

وقد تكون مكروهة: إن كان فيها إعانة على مكروه.

وقد تكون حراما: إن كان فيها إعانة على أمر محرم.

وقد تكون واجبة: إن توقف عليها دفع ضرر عن الموكل، كما إذا وكله بشراء طعام مضطر إليه، وهو عاجز عن شرائه.

<<  <  ج: ص:  >  >>