للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد دلّ على ذلك:

? ما روى البخاري عن خباب بن الأرتّ رضى الله عنه قال:

شكَوْنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم - وهو متوسِّدٌ بردة له في ظل الكعبة - قلنا له: ألا تستنصر لنا؟ ألا تدعو الله لنا؟ قال: "كان الرجل فيمن قبلكم يُحفر له في الأرض فيُجعل فيها، فيُجاء بالمنشار فيُوضع على رأسه فيشقّ باثنين، وما يصدُّه ذلك عن دينه. ويمشَطُ بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم او عصب، وما يصدّه ذلك عن دينه، والله لَيَتَّمَّنَّ هذا الأمرُ حتى يسير الراكب من صنعاء الى حضرموت لا يخاف إلا الله، أو الذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون". (اخرجه البخاري في المناقب، باب: علامات النبوة، رقم: ٣٤١٦).

ووجه الاستدلال بالحديث: أنه صلى الله عليه وسلم وصف الأُمم السالفة بالصبر على المكروه في ذات الله تعالى حتى أصابهم ما أصابهم، وأنهم لم يتظاهروا بالكفر ليدفعوا عن أنفسهم العذاب والقتل، وصفهم بذلك على سبيل المدح لهم وبيان فضيلتهم ومقامهم عند الله عزّ وجل، فدلّ ذلك على أن الصبر والاحتمال أفضل من التخلّص بالرخصة.

? وروى ان مسيلمة الكذّاب أخذ اثنين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لأحدهما: ما تقول في محمد؟ قال: رسول الله، قال: فما تقول فيَّ؟ قال: وأنت ايضاً، فخلّى سبيله وقال للآخر: ما تقول في محمد؟ قال: رسول الله، قال: فما تقول فيَّ؟ قال: أنا أصم، لا أسمع، فأعاد عليه ثلاث مرات، فأعاد جوابه، فقتله، فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: "أما الأول فقد أخذ برخصة الله تعالى، وأما الثاني فقد صدع بالحق، فهنيئاً له".

? وكذلك ما ثبت من قصة خبيب رضى الله عنه، وأنه حين أخذه الكفار وباعوه لأهل مكة، أخذوا يعذِّبونه ليذكر النبي صلى الله عليه وسلم بالسوء فلم يفعل، فقتلوه، فبلغ

<<  <  ج: ص:  >  >>