للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما تغريب العام فقد ثبت في أحاديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الثابتة الصحيحة.

روي مسلم [١٦٩٠] في الحدود باب: حد الزني؛ عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " خذوا عني، خذوا عني، فقد جعل الله لهن سبيلاً، البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم".

وروى البخاري [٦٤٦٧] في المحاربين، باب: هل يأمر الإمام رجلاً فيضرب الحد غائباً عنه؛ ومسلم [١٦٩٧] في الحدود، باب: من اعترف على نفسه بالزنى، عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني رضي الله عنهما: أن رجلاً من الأعراب أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله أنشدك الله إلا قضيت لي بكتاب الله، فقال الآخر ـ وهو أفقه منه ـ: نعم فاقض بيننا بكتاب الله وأذن لي، فقال: "قل". قال: إن ابني كان عسيفاً على هذا فزنى بامرأته، وإني أخبرت أن على ابني الرجم، فافتديت منه بمائة شاة ووليدة، فسألت أهل العلم فأخبروني أن علي ابني جلد مائة وتغريب عام، وأن على امرأة هذا الرجم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله، الوليدة والغنم رد عليك، وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام، واغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها".

وقد غرب عمر رضي الله عنه إلى الشام، وغرب عثمان رضي الله عنه إلى مصر، وغرب علي رضي الله عنه إلى البصرة، ولم ينكر عليهم أحد فكان ذلك إجماعاً.

وروى الترمذي [١٤٣٨] في الحدود، باب: ما جاء في النفي، عن ابن عمر رضي الله عنهما: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ضرب وغرب، وأن أبا بكر ضرب وغرب، وأن عمر ضرب وغرب".

والتغريب يكون بحكم القاضي، فلو تغرب بنفسه عاماً كاملاً لم يكف، ولو كان التغريب إلى ما دون مسافة القصر لم يكف أيضاً.

ويستوي كل من الرجل والمرأة في وجوب التغريب، غير أنه يشترط في تغريب المرأة أن يكون معها محرم، فلو لم يوجد المحرم لم يجز تغريبها، لأن المرأة لا يجوز أن تسافر إلا ومعها ذو محرم.

<<  <  ج: ص:  >  >>