للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بيان أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ، عن عمرو بن العاص رضي الله عنه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر ".

[اجتهد: بذل وسعه للتعرف على القضية، ومعرفة الحق فيها. أصاب: وافق الواقع في حكمه. أخطأ: لم يصب الحق في حكمه].

أما الإجماع، فهو منعقد على مشروعية القضاء، وعلى فعله، سلفاً وخلفاً لم يخالف في ذلك أحد، وقد استقضي النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن بعده من الخلفاء إلي يومنا هذا من غير نكير من أحد.

وأما العقل، فهو قاض بمشروعية القضاء وضرورته، فطبائع البشر مختلفة، والتظالم ومنع الحقوق واقع منهم، وقل من ينصف من نفسه، ولا يقدر الإمام أن يتولي فصل الخصومة بين كل الناس بنفسه، فلذلك كانت الحاجة ماسة إلي تشريع القضاء، ونصب القضاة، ليحكموا بين الناس، ويفصلوا في الخصومات.

[حكمة تشريع القضاء]

وحكمة تشريع القضاء، وجود الحاجة إليه، وقيام المصالح به، فالإنسان اجتماعي بطبعه، وليس قادراً أن يعيش وحده، بل لا بد أن يعيش مع الناس لينال حاجاته الضرورية، بالتعاون معهم، وإذا كان التعامل مع الناس، والتعاون معهم أمراً ضرورياً، كان لاجرم أنه ستقوم بين الناس خصومات ومنازعات بسبب تعارض مصالحهم، وتضارب أهوائهم، وطغيان بعضهم على بعض، ومن هنا نشأت الحاجة إلي القضاء، وكان لابد من قاض يرجع إليه الناس عند الاختلاف والنزاع، والإسلام دين الفطرة السوية يدعو إلي رعايتها، والمحافظة على نظافتها وحسن سيرها. قال تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} (الروم: ٣٠).

[أقم وجهك للدين: ألزمه ولا تحد عنه. حنيفاً: مائلاً إليه. فطرة الله خلقته. القيم: المستقيم].

<<  <  ج: ص:  >  >>