للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كانت يمين النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومسلم [١٨٣٢] في الإمارة، باب: تحريم هدايا العمال، عن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استعمل عاملاً، فجاءه العامل حين فرغ من عمله، فقال: يا رسول الله، هذا لكم وهذا أهدي لي، فقال له: " أفلا قعدت في بيت أبيك وأمك، فنظرت أيهدي لك أم لا؟! " ثم قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشية بعد الصلاة، فتشهد وأثني على الله بما هو أهله، ثم قال: " أما بعد فما بال العامل نستعمله، فيأتينا فيقول: هذا من عملكم، وهذا أهدى لي، أفلا قعد في بيت أبيه وأمه فنظر: هل يهدي له أم لا؟! فو الذي نفس محمد بيده، لا يغل أحدكم منا شيئاً إلا جاء به يوم القيامة يحمله على عنقه: إن كان بعيراً جاء به له رغاء، وإن كانت بقرة جاء بها لها خوار، وإن كانت شاة جاء بها تيعر، قد بلغت " ثم رفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يديه حتى إنا للنظر إلي عُفرة إبطيه.

وفي رواية عند أحمد [٥/ ٤٢٤] عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " هدايا العمال غُلُولٌ ".

[استعمل: وظفه على جمع الزكاة. لا يغل: من الغلول، والغلول في الأصل: الأخذ من الغنيمة قبل قسمتها، وسميت هدية العامل غولاً، بجامع أن كلاً منهما فيه خيانة، وإخلال بالأمانة، لأن الهدية غالباً ما تحمل العامل على ذلك ولذلك هي حرام كالغلول. رغاء: صوت الإبل. خوار: صوت البقر تيعر: من اليعار وهو صوت الغنم والمعز عُفرة إبطيه: باطنهما، من شدة رفعه ليديه، والعفرة في الأصل: بياض يخالطه لون كلون التراب، وكذلك لون باطن الإبط]

هذا كله إذا كانت الهدية للقاضي ممن له عنده خصومة، أو قضية ينظر فيها أو ممن لم تسبق له عادة في إهدائه قبل توليته القضاء، فإن كانت ممن له عادة في إهدائه وليس له خصومة عنده، جاز له قبولها، إن لم يزد فيها عن القدر المعتاد، كماً وكيفاً، فإن زاد فيها نظر، فإن كانت الزيادة لها أثر ظاهر لم تقبل، وإلا قبلت ومما ينبغي الانتباه إليه: هو أن الكلام في الهدية إذا لم يكن هناك قصد ظاهر، فإن كانت بقصد أن يحكم بغير الحق، أو ليمتنع من الحكم بالحق، فهي رشوة، وهي من الكبائر، ويأثم القاضي بقبولها، كما يأثم الباذل لها والساعي في شأنها.

روي الترمذي [٢٣٣٦] في الأحكام، باب: ما جاء في الراشي والمرتشي

<<  <  ج: ص:  >  >>