للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ب) رجوعهم عن الشهادة بعد الحكم وقبل استيفاء الحق]

وإن كان رجوع الشهود عن الشهادة بعد حكم القاضي بها، ولكن ذلك

الرجوع كان قبل استيفاء الحق ممن هو عليه:

ـ فإن كان المشهود به مالاً نفذ الحكم به، واستوفي المال ممن هو عليه، لأن القضاء قد تم، وليس الحكم بالمال مما يسقط بالشبهة، حتى يتأثر بالرجوع، فينفذ الحكم، ويستوفي المال، مادام الحكم قد صدر قبل رجوعهم.

ـ وإن كان الحق المشهود به عقوبة، سواء كانت لله تعالي: كالزني، أم كانت لآدمي: كالقذف، فلا تستوفي العقوبة، مادام الشهود قد رجعوا عن شهادتهم قبل استيفائها، لأنها تسقط بالشبهة، والرجوع عن الشهادة شبهة.

روي الترمذي [١٤٢٤] في الحدود، باب: ما جاء في درء الحدود، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " ادرؤوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإن كان له مخرج فخلوا سبيله، فإن الأمام أن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة ".

[ج) رجوعهم عن الشهادة بعد الحكم وبعد استيفاء الحق]

وإن كان رجوع الشهود عن الشهادة بعد الحكم بها، وبعد الاستيفاء للمحكوم به، لم ينقض الحكم، لتأكد الأمر، ولجواز صدقهم في الشهادة، وكذبهم في الرجوع، أو العكس ذلك.

وليس أحدهما بأولي من الآخر، فلا ينقض الحكم بأمر مختلف ومشكوك فيه يترتب على رجوعهم هذا:

ـ أنه إن كان الحق المستوفي من المشهود عليه عقوبة: كأن كان قصاصاً في نفس أو طرف، أو قتلاً في ردة أو رجماً في زني، ومات المشهود عليه، ثم رجعوا عن الشهادة، وقالوا: تعمدنا الشهادة، ولا نعلم حال المشهود عليه، أو قالوا: تعمدنا الكذب في الشهادة، فعليهم القصاص، أو دية مغلظة في مالهم موزعة على عدد رؤوسهم، لتسببهم إلي إهلاك المشهود عليه.

ـ ولو شهدوا بطلاق بائن، أو لعان، وفرق القاضي بين الزوجين، فرجعا عن

<<  <  ج: ص:  >  >>