للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما حجر على معاذ طلب غرماؤه ذلك، ولأن الحجر إنما هو لمصلحة الغرماء، فإذا لم يصرحوا بطلب الحجر، فإن ذلك يعني أنه لم يتبين لهم مصلحة في الحجر، فلا يضار المفلس بذلك.

ثالثاً: إذا أوقع الحاكم الحجر على المفلس، تحولت حقوق الغرماء من التعلق بذمته إلي التعلق بأمواله: أي إن شأنها يصبح كشأن العين المرهونة التي يتعلق بها حق المرتهن.

ولذلك يعطيهم الشارع حق التسلط على هذه الأموال، باستيفاء حقوقهم وديونهم منها.

رابعاً: يسن للحاكم أن يشهر قرار الحجر على المفلس حتى يتقلي الناس من التعامل المطلق معه.

خامساً: يجيب على الحاكم أو من ينيبه عنه أن يبيع ماله، ثم يقسم القيمة بين الغرماء حسب دين كل منهم، ويسن أن يبادر بذلك قدر الإمكان، وعليه أن يتبع مصلحة المحجور عليه في طريقة البيع وكيفيته، كأن يقدم أولاً بيع ما يسرع فساده، كالطعام ونحوه، ثم المنقول، ثم العقار، وكأن يبيع كل شيء في سوقه وثمنه الذي يستحقه ويسن أن يكون ذلك بمشهد من المحجور عليه، وأصحاب الحقوق.

ويجب أن يبقي له الحاكم حاجاته، وحاجات أهله الضرورية بالمستوي اللائق به، من ثياب وقوت ومسكن، فإن كان يمتع نفسه من ذلك ما يزيد على اللائق به نزل به إلي الحد الذي يرى أنه اللائق به

سادساً: إذا قسم المال أو ثمنه على الغارمين، كل منهم بنسبة وجب عليهم أن يمهلوه فيما بقي لهم عليه، إلي أن تحل عقدة عسرته، وذلك عملاً بقول الله عز وجل: {وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} (سورة البقرة: ٢٨٠)، ولما رواه مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: أصيب رجل في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ثمار ابتاعها، فكثرت ديونه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " تصدقوا عليه "، فتصدق الناس عليه، ولم يبلغ ذلك وفاء دينه،

<<  <  ج: ص:  >  >>