للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ودليل ذلك ما رواه مسلم في [الحدود ـ باب ـ حدّ الخمر، رقم: ١٧٠٦] عن أنس - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم -) كان يضرب في الخمر بالجريدة والنعال أربعين).

[والجريد: أغضان النخيل إذا جُرِّدت من الورق].

وروى مسلم أيضاً في [نفس الموضع الذي سبق] عن أنس - رضي الله عنه -: أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - جلد في الخمر بالجريد والنعال أربعين، ثم جلد أبو بكر - رضي الله عنه - أربعين، فلما كان عمر - رضي الله عنه -، ودنا الناس من الريف والقرى، قال: ما تَرَوْن في جلد الخمر؟ فقال عبدالرحمن بن عوف - رضي الله عنه -: أرى أن تجعلها كأخفّ الحدود، قال: فجلد عمر ثمانين.

ودل على أن الزيادة على الأربعين تعزيز، وليس بحدّ: ما رواه مسلم في

[الأشربة ـ باب ـ حدّ الخمر، رقم: ١٧٠٧] أن عثمان - رضي الله عنه -: (أمر بجلد الوليد بن عقبة بن أبي مُعَيْط، فجلده عبدالله بن جعفر رضي الله عنهما، وعلي - رضي الله عنه - يعدُّ، حتى إذا بلغ أربعين، فقال أمسك، ثم قال: جلد النبي - صلى الله عليه وسلم - أربعين، وجلد أبو بكر أربعين، وعمر ثمانين، وكلٌّ سُنّة، وهذا أحبُّ إلي) أي الاكتفاء بالأربعين، لأنه الذي فعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو أحوط في باب العقوبة، من أن يزيد فيها عن القدر المستحق، فيكون ظلماً.

قال الفقهاء: فأما الأربعون الواردة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فهي الحدُّ الأساسي، وأما خبر أن عمر - رضي الله عنه - جلد ثمانين، فوجهه كما قال علي لعمر رضي الله عنهما: (نرى أن تجلد ثمانين، فإنه إذا شرب سكر، وإذا سكر هذي وإذا هذي افترى). رواه مالك في [الموطأ، كتاب الأشربة ـ باب ـ الحدّ في الخمر].

[وحدّ افتراء ثمانون، ومثل هذا الحكم إنما يتم تعزيراً.

هذي: تكلم بما لا ينبغي.

<<  <  ج: ص:  >  >>