للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حُكم النِكَاحِ شَرْعُا

للنكاح أحكام متعددة، وليس حكماً واحداً، وذلك تبعاً للحالة التي يكون عليها الشخص، وإليك بيان ذلك:

١ـ مستحب:

وذلك إذا كان الشخص محتاجاً إلى الزواج: بمعنى أن نفسه تتوق إليه، وترغب فيه، وكان يملك مؤنته ونفقته، من مهر، ونفقة معيشة له ولزوجته، وهو في نفس الوقت لا يخشى على نفسه الوقوع في الفاحشة إن لم يتزوج.

ففي هذه الحالة يكون النكاح مستحبّاً، لما فيه من بقاء النَسْل وحفظ النسب، والاستعانة على قضاء المصالح.

ويستدل لذلك بحديث البخاري ومسلم: عن عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - شباباً لا نجد شيئاً، فقال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " يا معشر الشباب مَن استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغضّ للبصر وأحصن لفرج، ومَن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وِجاء " (١).

والزواج في هذه الحالة أفضل من التفرغ للعبادة، والانقطاع لها.

وعلى هذا يحمل توجيه الرسول - صلى الله عليه وسلم - لأولئك النفر من أصحابه الذين تعاهدوا على الانقطاع للعبادة، وترك الزواج.

روى مسلم (في النكاح، باب: استحباب لمن تاقت نفسه إليه ... ، رقم ١٤٠١) وغيره عن أنس - رضي الله عنه -: أن نفراً من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - سألوا أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - عن عمله في السرّ، فقال بعضهم: لا أتزوج النساء، وقال بعضهم: لا آكل اللحم، وقال بعضهم: لا أنام على فراش، فحمد الله وأثنى عليه، فقال: " ما بالُ أقوامٍ قالوا: كذا وكذا،


(١) انظر تخريجه وشرح ألفاظه (ص: ١٢ عند الكلام عن مشروعية النكاح)

<<  <  ج: ص:  >  >>