للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمدنية الحديثة، وقال: إن هؤلاء جديرون بكل تنشيط ومعاونة يمكن أن تعطى لهم، وقال: إن هؤلاء هم حلفاء الأوربي المصلح ومساعدوه، وسوف يجد محبو الوطنية المصرية أحسن أمل في ترقي أتباع الشيخ محمد عبده، للحصول على مصر مستقلة بالتدريج.

وهذه النصوص المنقولة من كلمات كرومر تمثل جماع ما دعا إليه المبشرون والمستشرقون دعاة التغريب والشعوبيون وما يزالون يدعون إليه حتى الآن، وهي مجموعة من الأكاذيب المنبعثة من التعصب واستخدام سلاح الشبهات للقضاء على مقومات الأمة وقيم فكرها، بعد أن تأكد الاستعمار والنفوذ الأجنبي من أن هذه المقومات هي مصدر القوة في العالم الإسلامي لمقاومة كل ضغط أجنبي.

وقد استهدفت هذه الحملة أساسًا قتل روح المقاومة والحملة على الاستعمار وخلق روح تدعو إلى تقبله والرضا به والاستسلام له، على أساس أنه أمر لا يمكن مقاومته، ومن المصلحة الانتفاع بالمستعمرين وقبول فكرهم وحضارتهم، وتقبل الحرية والاستقلال على مراحل، وهذا التيار الذي دُعي فيما بعد بتيار التعقيل أو الالتقاء مع الإنجليز في منتصف الطريق، وقد ارتفع هذا الصوت في السنوات الأخيرة لكرومر، وحاول خلق فلسفة قوامها تقبل الاستعمار وصداقته وعدم معارضته، وذلك بتصوير الاحتلال على أنه حقيقة واقعة، وكانت حجة دعاة هذه المعركة التي تعد خطوات التغريب والشعوبية القائمة الآن في العالم الإسلامي امتدادًا لها، كانت حجة هذه الحركة في (الاعتدال)، أو التعقيل على أساس فهم سلبي قوامه أن التخلص من الاحتلال يحتاج إلى قوة ليست موجودة لدى المصريين، وأن الدعوة إلى مقاومة الاستعمار هو إنفاق للوقت فيما لا طائل تحته، وما دام الإنجليز هم الذين يمسكون زمام الأمور وحدهم فلا سبيل إلى الإصلاح إلا بمصادقتهم