للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- وكان السلطان عبد الحميد يعلم مدى ما تهدف إليه المخططات الصهيونية. ولقد شهد المؤرخون المنصفون بأن الدولة العثمانية الإسلامية قد تسامحت إلى أبعد حد مع العناصر غير الإسلامية، ومكنتهم من أداء عباداتهم وإقامة شعائرهم، وفتح المدارس وإقامة الجماعات إلى الحد الذي كان عاملاً من عوامل تمكنهم من التآمر على الدولة وإسقاطها. ولقد كان السلطان عبد الحميد هو نقطة المؤامرة في الحقيقة لأنه وقف أمام مطامعهم وأهوائهم، ورد (هرتزل) عن محاولاته ومؤامراته بالرد الحاسم وسمع من ممثل اليهود أن ذلك سيكلفه عرشه أو حياته فلم يتردد في تضحيته وقد كشف السلطان عبد الحميد في مذكراته دور الدونمة ورجال الاتحاد والترقي.

[* الانتقاص من قدر الخلافة الإسلامية:]

وإذا كانت هناك محاولة للانتقاص من قدر الخلافة الإسلامية، واتهامها بالتقصير، فإن هناك ما يؤكد كذب ذلك، وما أورده جمال الدين في حديثه إلى المخزومي باشا في كتابه (خاطرات جمال الدين) يكشف عن مدى قدرة السلطان عبد الحميد على فهم تيارات الغربيين، وقدرته على ضرب مخططاتهم وضرب بعضهم ببعض. ولقد قام السلطان عبد الحميد بإعلان تلك الصيحة المفزعة التي عجلت به. وهي قوله: "يا مسلمي العالم اتحدوا"، وكان هدفه أن يجمع المسلمين ممن هم خارج الدولة العثمانية (العرب والترك) تحت لواء الخلافة والوحدة. وفزع الغربيون واليهود من ذلك فزعًا شديدًا، فقد مضى إليه بُخطا حاسمة وحقق نتائج هامة.

ولقد كان عقلاء المجاهدين المسلمين يؤمنون بأن المحافظة على الدولة العثمانية إحدى العقائد الإسلامية بعد التوحيد والنبوة. ومن ذلك محمد عبده وشكيب أرسلان ورشيد رضا وغيرهم. وقد كانت الدعوة الحقيقة هي محاولة إصلاح الدولة العثمانية من تحت مظلة الخلافة وتعديل تنظيمات الحكم دون