للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

محمد رفعت، شفيق غربال، محمد صبري وكان هدفها هو إعلاء شأن مصر على الدولة العثمانية والعرب، ومحاولة القول بأن مصر ليست عربية وأن الإسلام لم يؤثر فيها، ثم اعتمدت القومية المصرية الضيقة مدخلاً وهدفًا بما يتعارض مع الوحدة العربية من ناحية ومن الوحدة الإسلامية من ناحية أخرى، ومصر في الحقيقة لها طابع عربي وطابع إسلامي، وما يقال أن علاقتها بالعرب والإسلام كانت علاقة غزو أجنبي هو محض كذب، وكذلك القول بأنها ظلت محتفظة بمقوماتها قادرة على أن تجتاز منة الاحتلال، كل هذا الكلام لا يقوم على أساس ما لم يكن معلومًا أن الإسلام هو مصدر كل قوة وقدرة على المقاومة.

وكانت الصحافة العربية ضالة ومضلة في اعتمادها على دعاوي الجنس والعنصر والإقليمية مدخلاً إلى الفكر بعد أن جعل الإسلام وحدة العقيدة والثقافة أساسًا، فالثبات أمام الغزاة مصدره العقيدة، هذه التي حكمت بامتصاص الدخيل أو إجلائه عن الأرض، هذه العراقة المصرية كلها مصدرها الإسلام وليس أي شيء آخر، ولا ريب أن العقيدة الإسلامية هي المناعة الوحيدة دون الانصهار في الفكر البشري الوافد، ولا ريب أن الصحافة العربية كانت مسرفة في الانحراف في احتضانها لمفاهيم الأقليات والقوميات وما تتأثر منها من دعوات متعددة ومتضاربة (١).

وفي الوقت الذي كان طه حسين يدعو فيه إلى المتوسطية، كان العقاد يدعو إلى سياسة مصرية (لا عربية) (المصور ٩/ ١٢/١٩٤٩)، ينبغي أن تكون سياسة مصر مصرية على الدوام، مصرية قبل كل شيء، مصرية في علاقتنا بالأمم العربية، ومصرية في علاقتنا بالأمم الأوربية، وقد ووجهت


(١) "الصحافة والأقلام المسمومة" (ص ٢١٩).