للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لسآمة أنفسهم من التعلق بشيء واحد، كما قال الشاعر:

أيا من ليس يرضيها خليل ... ولا ألفا خليل كل عام

أراك بقية من قوم موسى ... فهم لا يصبرون على طعام

وقد يقع في الرقص رقصة مخصوصة بأن يرقص الإنسان ويده في خاصرة من ترقص معه، وأغلب الأوقات يمسكها بيده، وبالجملة فمسّ المرأة أيًّا كان من الجهة العليا من البدن غير عيب عند هؤلاء النصارى، وكلما حسن خطاب الرجل مع النساء ومدحهن عُدّ هذا من الأدب" (١).

هذا الكلام يُوحي لقارئه بدلالات نذكر منها اثنتين:

ا- إن الأخلاق ليست مرتبطة بالدين، وهي فكرة انقدحت في ذهن الشيخ لكنه لم يستطع أن يعبر عنها بجلاء، فها هو المجتمع يمارس ألوان الدياثة التي لا يرضاها الدين طبعًا ولكنها مع ذلك ليست خارجة عن قوانين الحياء، ولا يُشم منها رائحة العهر بل هي معدودة في باب الأدب!!!! وقد نمت هذه الفكرة وترعرعت حتى قيل صراحة: أن الحجاب وسيلة لستر الفواحش، وأن التبرج دليل على الشرف والبراءة، ومن ثم فلا علاقة بين الدين والأخلاق.

٢ - إن هذا المجتمع الديوث يكرم المرأة ويحترمها، وفي المقابل نرى المجتمع الإسلامي يحافظ على العرض لكنه يحتقر المرأة -حسب الواقع آنذاك - وبذلك نصل إلى المفهوم الذي وُجِد في أوربا نفسه وهو أن حقوق المرأة مرتبطة بتحررها من الدين فما لم يُنبذ الدين فلن تحصل على هذه الحقوق!

وهكذا وُجدت البذرة الأولى لما سُمِّي "بقضية المرأة"! (٢).


(١) المصدر السابق (ص ١١٩).
(٢) " العلمانية " لسفر الحوالي (ص ٦٢٥ - ٦٢٦).