للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المملوكي، وليست الكتابه بالحروف والتشكيل بها دليلاً على عبقرية الشاعر، ويشير عياد بذلك إلى ديوان حسن طلب الذي صدر مؤخرًا بعنوان "آية جيم" والذي يعتمد على حرف الجيم في مفرداته ومعانيه (١).

والاعتماد على حرف من حروف المعجم هو تقليعة "مملوكية" بعثها "الهالوك" مرة أخرى، وزعموا "حداثيتها" حيث كان الشعراء في أواخر العصر المملوكي يأخذون من أحد الحروف، أو أكثر من حرف، وسيلة في نظمهم للتدليل على قدرتهم اللغوية، والعروضية، وقدرتهم أيضًا في مجال القافية، وأبرز الأمثلة على ذلك ما عرف بالبديعيات والألغاز والتواريخ، وقد ازدهرت جميعًا في العصر العثماني، وجاء الهالوك، ليخدعوا الناس بقدرتهم على التجديد والإتيان بما لم تأت به الأوائل، وما دروا أنهم قدموا "تقليعة" رديئة كانت مظهرًا من مظاهر الضعف والخواء في العصرين المملوكي والعثماني.

صاحب "آية جيم" لم يقدم فيها أكثر من نظم لمعاني "حرف الجيم" الموجودة في المعاجم، وهو نظم بارد وركيك، يدل على أن صاحبه يهزأ بالعقول والأفئدة، فضلاً عن جراءته على المفهوم القرآني لمعنى كلمة "آية" حيث اتخذ منها عنوانًا لمنظومته الرديئة فضلاً عن ادعائه وافترائه بأن القرآن قد ظلم حرف الجيم بعدم استخدام ألفاظ تعتمد عليه .. ترى ماذا في هذا النص من قيم شعرية عالية؟ يقول:

"جيمٌ جمزتْ أم جيمٌ بَجمَتْ؟

جيمٌ من يأجوج ومأجوج تَجُخُّ وتجأر

جيمٌ كالجلوْاز الأعْجَرْ


(١) انظر جريدة "الرياض" (٢٧/ ٥/١٩٩٢).