للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تتردى من الناحية الإنسانية، والبشرية لا تبلغ رشدها إلا إذا حكمها الإسلام.

إن فكرة (اللاعنف) و (الإنسانية) من الأفكار الخطيرة التي بدرها مالك ووسعها بعدئذ تلامذته، وحاولوا اللف والدوران كثيرًا حول مبدأ الجهاد الإسلامي.

* الإِنسانية والعالمية:

وقريب من مبدأ (السلام العالمي) كان مالك يحلم بأن تتوحد الإنسانية في مجتمع عالمي، ويظن بأن البشرية تسير بهذا الاتجاه، "فالعالم قد دخل إذن في مرحلة لا يمكن أن تحل فيها أغلبية مشكلاته إلا على أساس نظم الأفكار" (١)، "وحين اتجه العالم إلى إنشاء منظمة اليونسكو، كان يهدف إلى (تركيب) ثقافة إنسانية على المدى البعيد" (٢) "وما محكمة العدل في لاهاي والقانون الدولي، والقانون البحري إلا مظاهر خاصة لذلك الاتجاه العام الذي لا يفتأ يمهد الطريق لتوحيد العالم" (٣).

هذا المفهوم للإنسانية مفهوم وهمي يراد به محو الشخصية الثقافية الحقيقية لكل مجتمع ولكل أمة، وإذا كان العالم قد تقارب وانتشرت الأفكار في كل مكان، وقد يستفيد المسلمون من ذلك في نشر دينهم الذي يملك عناصر التأثير والقوة، ولكن أن يتوحد العالم في مجتمع واحد فهذا مفهوم ذهني مجرد، وإذا كان هو نفسه شعر بأن فكرة الأفروآسيوية صعبة التحقيق، ولذلك عاد وكتب عن (الكومنولث الإسلامي)؛ فكيف يظن أن العالم يسير نحو الوحدة؟!.


(١) "مشكلة الثقافة" (ص ١٤).
(٢) المصدر السابق (ص ٩٦).
(٣) "وجهة العالم الإسلامي" (ص ١٥٤).