للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منها" أوسع من ذلك، ويرى أنه لفظ عام، وأنه بعمومه قصد منه أن يفتح المجال للتغيرات التي تحدث في حياة الإنسان الخلقية والاجتماعية في كل زمان. إن الأمر البالغ الأهمية هو في "غض البصر وحفظ الفرج" وما يحقق هذه الغاية في كل زمان هو الذي يحدد ما يعد من "الحشمة" أو ما لا يعد في مظهر الإنسان الخارجي (١)، أي أن المقياس والمعيار الأساسي هو الحشمة، وليس لذلك حدود إلا ما تحدده عادة المجتمع الجارية وليس بالضرورة أن يكون ذلك ستر ما عدا الوجه والكفين.

- وفي مجال الحدود نأخذ مثالاً رأيه في عقوبة الحرابة، وخلاصة رأيه أن من يظن أن "العقوبات الوحشية" الواردة في الآية {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ} - من يظنها عقوبات شرعية، فقد وقع خطأ بالغ، وأن ما ذهب إليه المفسرون من أن المقصود بهذه الآية فرض عقوبات جنائية رأي مرفوض مطلقًا، مهما كانت الأسماء التي قالت بهذا الرأي كبيرة ومشهورة. ويؤكد أن الآية لا تنشئ أمرًا ولا تقصد تنفيذ طلب بل هي تقرير لحقيقة ويسوق لتأييد رأيه بعض الحجج، ومن ذلك أن الأفعال الواردة في هذه الآية "يقتلوا" "يصلبوا" "تقطع" "ينفوا" واردة بصيغة المضارع، ولا يفهم منها الأمر والطلب (وهذا مثال لأحد المواضع التي يظهر فيها ضعفه في اللغة) ومن الحجج أيضًا أن صيغة هذه الأفعال تدل على المبالغة ويفهم هو من ذلك أن المقصود أن القتل والصلب والقطع هو لأعداد كبيرة، فهل يمكن أن يكون المقصود أن يعاقب عدد كبير من المحاربين ويعفى عن البقية؟ وكيف الحال إذا كان المقصود أن يعاقب عدد كبير من المحاربين


(١) المصدر السابق P. ٥٣٨.