للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ورسوله، وما طاعة العلماء إلا لأجل أنهم يرشدون الناس إلى أحكام الله ورسوله وحدود الله في مختلف شعب الحياة. فإذا جاء أحد منهم بأمر من الله، فالواجب على المسلم أن يطأطئ له رأسه دون أن يستنكف عن طاعته؛ لأنه لا حرية له في الفكر والرأي أبدًا أمام الله خالقه ورازقه وحاكمه الحقيقي المطلق. وأما إذا جاء أحد من البشر مهما كان شأنه يعرض على المسلم رأيه وفكرته من نسيج خياله فإن طاعته على المسلم ليس واجبًا. وله الحق كل الحق أن يمارس حريته في التفكير ويقيم رأيًا من الآراء. كما له الحق في أن يأخذ برأي غيره إن ارتاح إليه قلبه. وأن يخالفه بحرية تامة إذا رآه لا يستقيم" (١) "مفاهيم إسلامية" (١٢٩).

وأنت تقول عن سيد -رحمه الله-: "لم يختلف موقف سيد قطب في الجوهر عن موقف المودودي في نظرية الحاكمية الإلهية فهي بمقتضى لا إله إلا الله كما يدركها العربي العارف بمدلولات لغته لا حاكمية إلا لله ولا سلطان لأحد على أحد لأن السلطان كله لله .. والحاكفية الإلهية عامة في الجانب الإرادي من حياة الإنسان كما هي في الجانب الفطري والوجودي شاملة لما هو دنيوي شمولها لما هو ديني عامة فيما هو سياسة عمومها فيما هو عبادة" "الصحوة الإسلامية" (١٤٩).

وهو يقول: "الإسلام لا كهانة فيه ولا وساطة بين الخلق والخالق، فكل مسلم في أطراف الأرض، وفي فجاج البحر، يستطيع بمفرده أن يتصل بربه، بلا كاهن ولا قسيس، والإمام المسلم لا يستمد ولايته من "الحق الإلهي" ولا من الوساطة بين الله والناس، وإنما يستمد مباشرته للسلطة من الجماعة الإسلامية، كما يستمد السلطة ذاتها من تنفيذ الشريعة، التي يستوي الكل في فهمها وتطبيقها متى فقهوها، ويحتكم إليها الكل على السواء.


(١) "مفاهيم إسلامية" للمودودي (ص ١٢٩).