للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإنسانية، كل ذلك صور مختلفة لفكرة انتهاء النبوة (١).

[* قضية الجبر والقدر في فكر إقبال:]

في مسألة كون الإنسان مختارًا أو مجبرًا في إرادته وأعماله، يذهب إقبال إلى أن الله تعالى قد منح الإنسان حرية واسعة لإبراز إمكانياته واختيار أعماله ومراداته. وعمل القضاء والقدر ليس من خارج الأشياء أو النفوس، بل من داخل إمكانياتها واستعداداتها، ويؤثر القدر تأثيره داخل حدود الزمان والمكان. يقول إقبال في "تجديد التفكير الديني":

"الزمان باعتباره كلاً مركبًا، هو الذي يسميه القرآن، "التقدير" وهي كلمة أسيء فهم معناها كثيرًا في كل من العالم الإسلامي وفي خارجه.

والتقدير هو الزمان عندما ننظر إليه على أنه سابق على وقوع إمكانياته: هو الزمان الخالص من شباك تتابع العلة والمعلول .. والزمان بوصفه تقديرًا هو ماهية الأشياء ذاتها، كما جاء في القرآن {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: ٤٩]، فتقدير شيء إذن ليس قضاءً غاشمًا يؤثر في الأشياء من خارج، ولكنه القوة الكامنة التي تحقق وجود الشيء، وممكناته التي تقبل التحقق، والتي تكمن في أعماق طبيعته وتحقق وجودها في الخارج بالتالي، دون أي إحساس بإكراه من وسيط خارجي" (٢).

ويرى إقبال كذلك أن قوة الاستبصار والسيطرة المدبرة الملحوظتين في نشاط النفس تكشفان عن حقيقة الحرية التي منحها الله للإنسان، بعد أن هيأه لتحمل مسئوليته من تلقاء نفسه في اختيار تشكيل مصيره وتحديد سلوكه


(١) انظر "محمد إقبال، مفكرًا إسلاميًّا" لمحمد الكتاني (ص ١٧١ - ١٧٣)، و"تجديد الفكر الديني في الإسلام" (ص ١٤٢ - ١٤٤).
(٢) "تجديد الفكر الديني في الإسلام" (ص ٦٠ - ٦١).