للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فحسب، على ما أجمعت عليه الأمة سلفًا وخلافًا، وعلى ما يشهد بذلك كثير من الآيات والأحاديث، مثل قوله تعالى: {يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ (٣٠) وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ} [ق: ٣٠، ٣١].

* وقوله تعالى: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ (٢٧) لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ (٢٨) لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ (٢٩) عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ} [المدثر: ٢٧ - ٣٠].

ثانيًا: إنه فسر الخلود والأبدية بحقبة من الزمن، تمنح النفس بعدها فرصة أخرى لاستئناف نشاطها وكفاحها، وليس في الإسلام، على ما يراه هو، لعنة أبدية، فالنار ليست هاوية من عذاب مقيم بل هي تجربة للتقويم، قد تجعل النفس القاسية تحس مرة أخرى بنفحات حية من رضوان الله .. إلخ. وهذا تفسير يخالف، كذلك، إجماع الأمة، كما يعارض نصوص الكتاب والسنة الصريحة. فإن الآخرة ليست دار عمل وكفاح للنفس وإنما هي دار جزاء على أعمالها في الدنيا، فيما ينص عليه الكتاب والسنة. يقول الدكتور محمد البهي في هذا الخصوص:

"يلاحظ على تفكير إقبال أنه في محاولته شرح استمرار العالم، أو شرح خلوده وبقائه يرتفع في هذا الشرح عن المستوى الديني الذي يصوره الإسلام نفسه. وبذلك يبعد في تفسير النصوص التي استعان بها، عن مدلولاتها الطبيعية التي تلائم هذا المستوى .. فإذا جعل البعث فترة "لجرد البضائع"، وربط الدار الآخرة بالدار الدنيا في حياة الإنسان، فإنه يثير تساؤلاً عن (التكليف) من قبل الشرع ومدته، أهو في الدنيا والآخرة معًا؟. وتفسيره الخلود في النار عندئذ في قوله تعالى: {خَالِدِينَ فِيهَا}، بأنه حقبة وفترة ما، يعطي بعدها الإنسان فترة أخرى للبقاء، أو للعمل يدعو لبقاء الإنسان خلوده - يشرح أن الإنسان في نظر إقبال مكلف في الدارين معًا .. ولكن الإسلام ينظر إلى الدنيا على أنها دار ابتلاء وامتحان، وينظر إلى الآخرة على أنها دار