للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقد استنتج الدكتور من بحثه في تركيب الذرة أنها مختزن هائل لقوة متركبة من عناصر اثيرية متماسكة من التوازن بدورات الأجزاء التي تتألف منها جاذبيتها وضغطاتها ومن تباين هذا التوازن تنشأ الخصائص المادة للأجسام من ثقل وشكل ومظهر.

ومن هذا نعتبر أن المادة ليست إلا نوعاً بسيطاً من الطاقة أو القوة، ونضيف إلى تلك القوى المعروفة من حرارة وضوء وغيرها قوة أخرى هي المادة أو القوة الكامنة في الذرات.

فإذا أحدثنا تغيراً في هذا التوازن، وكان هذا التغير شديد السرعة سميناه كهرباء أو ضوء. . . الخ وإذا كان هذا التوازن شديد الثبات سميناه مادة، ولنذهب بعيداً فنقول مع كثيرين من العلماء أن الأجسام المتماسك أجزاؤها من توازن قوى ذراتها تتركب من تموجات متكونة في الثير، ولهذه التموجات شخصية توهم العلماء حتى اليوم أنها أبدية، وما هي إلا وقتية، وإن هذه الشخصية تفني، وهذا التموج يقف في الأثير بمجرد وقوف القوات التي تضمن وجوده عن عملها، وإن الحرارة والضوء والكهرباء هي الخطوات الأخيرة التي خطتها المادة في طريق اختفائها في الأثير، وإذا اختلف جسم عن جسم فلا سبب هناك إلا أن يحوي أكثر أو أقل منه في القوة الذرية الكامنة.

وقال الدكتور بعد هذا أنه يجوز توهم قوة من غير مادة، لأنه ليس هناك ما يدل على أن القوة يجب أن تستند بالضرورة على عون، ولكن هذه الفكرة لا نستطيع أن نصل إليها، وإنما نحن نفهم الأشياء بإدخالها في الدائرة التي اعتدنا أن تمرح فيها أفكارنا، وإذا كنا نريد أن نبلو كنه القوة المحجوبة عنا فمن اللازم انحلالها حتى يتم لنا ذلك.

وقد تخلص الدكتور من ذلك التعاريف الآتية:

إن الأثير والمادة يمثلان جوهرين من نوع واحد، وإن الكهرباء والحرارة والضوء والمادة أدلة على ذلك، وأنها إنما تختلف بعضها عن بعض باختلاف طبيعة التوازن الموجود في الأثير وصلابته.

وكثيرون من العلماء وفيهم العلامة المشهور (فراداي) كانوا يجتهدون حتى الآن في محو فكرة الثنائية بين المادة واللطاقة، وكذلك اجتهد بعض الفلاسفة فقالوا إن المادة لم نلمسها ونحس بوجودها إلا بتوسط قوى تؤثر على حواسنا، ولكن كل هذه الآراء وشبيهتها