للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

الميزان ولذلك لا يحسب الكيماويون له حساباً.

أما الأهمية الحقيقية لمذهب فناء المادة وانتقالها أولاً إلى القوة، فلا تظهر إلا عندما نجد الوسائل التي تساعد على الانحلال السريع، فإذا جاء ذلك اليوم الذي يحصل الإنسان فيه عفواً على مصدر قوة لا نهاية لها، مهيأة لخدمته، فإن العالم ستتغير لاشك معالمه، ولكنا لسنا الآن عند ذلكم اليوم.

وفي الحقيقة ليس لهذه الآراء إلا أهمية علمية بحتة، وستظل في الحالة الراهنة مفتقرة إلى استعمالات كثيرة افتقار الكهرباء في عهد فولتا إلى مثلها.

ومع ذلك فإن أهميتها العلمية كبيرة لأنها تدل على أن محسوسات الكون التي حكم لها العلم بالبقاء والثبوت، ليست في الحقيقة ثابتة ولا قابلة للبقاء.

تعتقد الكيمياء منذ عهد لافوازييه أنها قد أظهرت لنا أنه من الممكن أن نجرد المادة من جميع خصائصها وصفاتها إلا واحدة منها - يعني أبديتها - وأنه من الهين أن نزيل الصلابة والشكل واللون والخصائص. وأن أشد الأجسام صلابة يمكن أن يتحول إلى بخار، ولكن كل هذه التغيرات لا تؤثر على جرم هذه الأجسام، بل يبقى جرمها على ما كان عليه من قبل في الوزن، فكأنه لم يمس.

وعدم تغير الأجرام في المادة هو المسألة الوحيدة المقررة الثابتة في عالم النظريات - ذلك العالم المتحرك المتحول - وهو الذي يجعل الكيماوي والعالم معاً يتبعان المادة في كل تحولاتها كأنها شيء متحرك متحول، ولكن مع ذلك غير قابل للانعدام، وبعبارة أخرى أبدي.

وقد تحاشى العلماء والفلاسفة البحث عن تعريف دقيق صحيح للمادة، لأن عدم تغير جرمها يقف عقبة دون ذلك، وإذا قطعوا النظر عن هذه النقطة الضرورية. فكل ما يستطيعون قوله هو أن المادة هي ذلك العنصر الغامض المتحول الذي تنشأ منه العوالم والمخلوقات التي تعيش فيها.

أما ثبات الجرم أو بقاؤه فراجح الأهمية، لأن عليه ينهض عالماً الكيمياء والميكانيكا.

وقد أضافوا إلى ذلك فكرة أخرى وهي انه لما كانت المادة لا تستطيع أن تخرج بنفسها من جمودها فقد استعين على تحريكها بجوهر مجهول عرفوه باسم القوة. ولذلك فصل علم