للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جريمة الجمع بين الزوجين، فإنك عرضة لأشد نتائجها خطراً وويلاً.

ولعمري لا تستخدم الخادمة إلا بأجور غير تافهة، وهي مع ذلك تجلس إلى الزوج والزوجة. وتسمع كل كلمة تدور بينهما، أو بينهما وبين أصدقائهما وأين أن تكم فاها، أو تسكت لسانها، وإذا كانت الخادمة أجمل من الزوجة وأسحر من السيدة وما أكثر ما يحدث ذلك فإنها ستعرف كيف تجيب على النظرات والرنوات التي لابد أن تلقاها من ذلك الذي تدعوه بسيدها دعابة وهزؤا.، وهذا لعمرك الجمع بين الزوجين في أتم أشكاله ومعانيه، ولكن رتواتك إليها لا تكفيها ولا تغنيها، فهي تطلب دفؤاً وموقداً، وهي تروم فوق جمره وفحمه نوعاًَ آخر من الدفء، وضرباً آخر من النار. . . وإن كانت لا تستغني عن الفحم، ولا تتخلى عن الوقود. وإنها لتنعم ملك بالمأكل والكن، ومع ذلك تمنى النفس بنار الحب، ونحن إلى أجيج العشق.

ووجود خادم واحد شر من وجود خادمين أو خدام، فإن من حسن حظ سيدهم ومولاهم أنهم لا يتفقون ولا يتواتون، وأكثر ما يثقل عبء الزواج على أعجز الناس حملاً له، أشباه الكتبة ومن يحاكيهم لأن زوجاتهم يحسبن أنهن خليقات بأن يعشن عيش الأميرات، لأن عمل رجالهن في نظرهن خفيف لا رهق فيه ولا نصب ولكن رحمة الله لهؤلاء المساكين، نعم أن عملهم ليس بالشاق الجاف ولكنه لم يخرج عن كونه عملاً بل وشغل ساعات طوال فيها من الكد والعناء ما فيها، ولا نجد معدل دخلهم يربى على ضعف دخل النجار أو البناء أو الحائك.

وفضلاً عن ذلك فإن الزوجين ينفقان على طعامهما وشرابهما أقل مما لو تخدما خادماً، ومهما تكن زوجتك من الاعتدال في النفقة والقصد. فإن اقتصادها لا يجديها كبير نفع لو اتخذت جارية لها، إذ ليس في مكنتكما أن تقتصدا مع بقاء الخادم، وملازمة هذا الحائل، حتى وإن اجتمعتما على ضرورة الاقتصاد. بل لا تستطيعان أن توفرا عليكما شيئاً يكون تعلة لأيام النفقة المقبلة فليت شعري لم أذن تجلب إلى دارك مثل هذه المتعبة. وتجعل زوجتك عليها حارساً ورقيباً. بل لم تقلقها، وتقطع عليها خير مراميها، وصالح مقاصدها وتفسد عليها خلقها، وتمر عليها حلاوة طبعها. أجل ليت شعري لم تأتي هذا الأمر المنكر الطائش؟.