للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أو وكلائهما، ثم إنهم بالاشتراك في جمعية سرية كان قد ألفها شخص فرنسي جاء من الجزائر واجتمع ببعض القوم في مصر فأقاموا منهم جمعية سرية سموها جمعية الانتقام، على أن هذه التهمة التي قرفوه بها والظنة التي أخذوه بأسبابها لم تكن لتروعه ولم تكن لترهبه لأن الرجل الكبير كالكرة المطاطية تقذف بها إلى الأرض وتأبى هي إلا سمواً وارتفاعاً ولا ترى النهم تروج إلا حيث يروج الكذب ولا يروج الكذب إلا حيث تذل النفوس وتفسد الطبائع والناس كما علمت يحبون التهم الحب كله ويخفون للظنون ويبتهجون. وهم لا يريدون فيها قضاة ولا يسألون عليها دفاعاً ولا يطلبون لها شهوداً ولا محلفين لأنهم يخافون أن يفسد التحقيق عليهم تلك اللذة النفسانية التي أحدثتها التهمة فيهم. فإذا ما برأ القضاة متهماً فاعلم أن في الناس الوفا لا يزالون يعتقدون بإدانة ذلك المتهم البرئ.

ولا جرم أن تكون التهمة التي تجنوها على صاحب الترجمة أفك أفاك وقرية مفتر وانتقام حقود. وهل كانت الطبيعة القوية الوثابة التي فطره الله عليها. لنستطيع أن تعمل ساعة واحدة في ظل المكامن والمخابئ. هذا ولم يكن لصاحب الترجمة معرفة بأحد من رجال هذه الجمعية ولا من أعضائها ولكن لما اكتشفت الحكومة أمر هذه الجمعية وقبضت على بعض زعمائها سنحت لبعض رجال الحكومة الفرصة لمطاوعة فعمدوا إلى الانتقام من أعدائهم فكأنهم لم يكتشفوا جمعية الانتقام إلا ليقيموا لأنفسهم مثلها!.

وكان من الذين استهدفوا لشره هذا الانتقام صاحب الترجمة وشريكه المرحوم حسين أفندي صقر. وتألفت لجنة لمحاكمتهما مع زعماء هذه الجمعية من بعض القضاة الأجانب الذين جيء بهم من بلجيكا للاشتراك في تشكيل المحاكم الأهلية تحت رئاسة قاض منهم يسمي فلمنكس وعضوية مسيو دهولس الذي كان مستشاراً في محكمة الاستئناف وانفصل عنها منذ زمن قريب. وحسين بك واصف - حسين باشا واصف الآن - والمرحوم حامد بك محمود ومحمود بك سالم. فلما تناولت اللجنة القضية وبحثتها تبين لها براءة صاحب الترجمة وشريكه وعجبت لإدخالهما في هذه التهمة النكراء. وأقرت بأن لا وجه تمت لإقامة الدعوى عليهما ولامت الحكومة على أنها مهما ظلما وعدواناً وأمرت بإخلاء سبيلهما للتو واللحظة، وقد لبثا في السجن سبعة أيام. على أن الحكومة لم تنفذ هذا الأمر بل أبقتهما ٩٨