للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للملوك والعظماء وما كان في ذلك إلا كالشمس تنفذ بضيئها إلى الأماكن الوخمة والقيعان الوبيئة والمراتع المظلمة فتبدو رخمها وتقتل جراثيمها وتهتك حجاب ظلماتها وترسل في جوها مادة الحياة وتنشر في منافسها مادة الصحة.

ولبث يرفع من شأنها يرفعة شأنه ويطهر ذكرها بطهارة ذكره حتى عام ١٨٩١ إذ سمعت مكانتها واستوسق لها أمرها وشرفت سمعتها وما كاد هذا العام ينصرم ويقبل العام التالي حتى اختارته محكمة الاستئناف نائب قاض بها وبذلك كان أول محام في مصر رفع قاضياً، وقد كان لهذا التعيين نشوة ابتهاج وهزة جذل بين لدانة المحامين فلما كان اليوم الثامن عشر من شهر يوليه عام ١٨٩٢ أقام له جلة المحامين وخبرتهم مأدبة كبرى في نزل حديقة الأزبكية. واشترك معهم في تلك الحفلة الكبرى رئيس محكمة الاستئناف في ذلك العهد أحمد بليغ باشا وإسماعيل بك صبري - إسماعيل صبري باشا - وكيلها، وأحمد حشمت بك - حشمت باشا - الأفوكاتو العمومي للمحاكم الأهلية. فلما انتظم عقد الحفل انبرى رأس شعراء هذا الجيل سعادة إسماعيل بك صبري - باشا - فقال:

إن تعيين حضرة الفاضل سعد أفندي زغلول عضواً في محكمة الاستئناف لدليل على أن المحاماة والقضاء إخوان رضيعا لبان، وغصتان صنوان، حتى لقد راقني أن أنمثل بقول أبي الطيب المتنبي:

هذي منازلك الأخرى نهنيها ... فمن يمر على الأولى يعزيها

ثم تلاه إسماعيل بك عاصم المحامي وإليك ما قال إما يعرف صلاح الأمة بصلاح الحكومة وإنما يعرف صلاح الحكومة بحزمها والحزم هو أن يوضع كل شيء في مكانه ويصرف في وجوهه وبابه أن تعطى الوظائف للخليقين بها انحطت وأية حكومة اتخذت ذلك الحزم قانوناً لها تقدمت وقد شاهدتا حكومتنا اليوم تعطي الوظائف في المحاكم الأهلية لمن هم أجدر بها وأصلح لها ولما كانت صناعتنا المحاماة مشتبكة مرتبطة بالقضاء فقد كان لنا جزيل السرور أن رأينا في محكمة الاستئناف الأهلية مثل سعادة رئيسها وحضرة وكيلها الفاضلين وبينا نحن منشرحو الصدر مثلجو الأفئدة لظهور هذا التطور والارتقاء في إصلاح خطة القضاء بانتخاب الأكفاء لها إذ رأينا الحكومة قد نشطت لحظة جديدة مثلى فانتقت من صناعة المحاماة أصولياً نابغة وهو حضرة سعد أفندي زغلول فعينته في محكمة