للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

العلة مالا أراه لاتصاله بخلاف ذلك من الحيوانات غير ذات الحسن والبهجة. على أنه ربما كان لله في ذلك حكمة وشأن وغاية تقصر دونها إفهامنا إذ كان تدبيره سبحانه وتعالى غير تدبيرنا وأسلوبه خلاف أسلوبنا.

الفصل الحادي عشر

الكلام على الاجتماع والعزلة

أما الفريق الآخر من الوجدانات الاجتماعية فهو ذاك الحاث على الاجتماع بوجه عام. وإني أقول في هذا الصدد إن الاجتماع من حيث هو مجرد اجتماع خال من المميزات الخاصة ليس فيه لذة إيجابية وبيد أن العزلة التامة المطلقة أعني الانقطاع الكامل الدائم عن سائر المجتمع هو من أشد وأقسى الآلام الإيجابية. هذا وإن في أنس المجالس وحلاوة الأحاديث، ومحاسن التآلف والتواد ما يملأ النفس لذة ونعيماً. ومن وجهة أخرى فإن ما يتخلل مناعم التعاشر من فترات العزلة لا يخلو من مسيرة خاصة. وهذا دليل على أنا خلقنا للحلوة والتأمل وكذلك للعمل والسعي. إذ كل لكل من العزلة والاجتماع لديه. وكانت حياة العزلة المطلقة تنافي أغراض الوجود بدليل أن الموت نفسه أقل بشاعة من ذلك وأخف روعة.

الفصل الثاني عشر

الكلام على العطف والتقليد والطمع

الوجدانات الاجتماعية من وجهة هذا التقسيم ذات اختلاط. وتمازج تتشعب شعباً متنوعة وتخرج أشكالاً مختلفة تطابق شتى الأغراض التي لتحقيقها وجدت، وضروب الغايات التي ما خلقت هذه الوجدانات إلا لتخدمها في سلسلة الاجتماع الكبرى. والحلقات الثلاث الرئيسية في هذه السلسلة هي العطف والتقليد والطمع.

الفصل الثالث عشر

العطف

إنما بفضل الأول من هذه الوجدانات أعني العطف يمكننا الاتصال بنفوس الغير والافضاء إلى مواضع همومهم وشؤونهم. حتى نشعر بشعورهم فلا يكون موقفنا منهم موقف المتفرج لا يعنيه ما يكايدون ولا يجفل بما يأخذون ويدعون. أجل إنما ينبغي عليك أن تعد هذا