للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عليها بعد سردها برأينا في الطيرة وتعليلها:

قالوا كان ابن الرومي مفرط الطيرة شديد الغلو فيها. وكان من عادته أن يلبس ثيابه كل يوم ويتعوذ. ثم يصير إلى الباب والمفتاح معه فيضع عينه على ثقب في خشب الباب فتقع عينه على دار له كان نازلاً بإزائه وكان (أي جاره) أحدب يقعد كل يوم على بابه فإذا نظر إليه ورجع وخلع ثيابه وقال لا يفتح أحد الباب. وفي هذا الأحدب يقول:

قصرت أخادعه وطال قذاله ... فكأنه متربص أن يصفعا

وكأنما صعقت قفاه مسرة ... وأحس ثانية لها فتجمعا

وقال علي بن عبد الله بن المسيب: كان ابن الرومي يحتج للطيرة ويقول إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب الفأل ويكره الطيرة. افتراه كل يتفاءل بالشيء ولا يتطير من ضده ويقول إن النبي مر برجل وهو يرحل ناقة ويقول يا ملعونة فقال لا يصحبنا ملعون. وإن علياً رضي الله عنه كان لا يغزو غزاة والقمر في العقرب. ويزعم أن الطيرة موجودة في الطباع قائمة فيها. وإن بعض الناس هي في طباعهم أظهر منها في بعض. وإن الأكثر في الناس إذا لقي ما يكرهه قال على وجه من أصبحت اليوم. فدخل علينا يوم مهرجان سنة ثمان وسبعين (ومائتين) وقد أهدى إلىَّ عدة من جواري الفيان وكانت فيهن صبية حولاء وعجوز في إحدى عينيها نكتة. فتطير من ذلك ولم يظهر لي أمره. وأقام باقي يومه فلما كان بعد مدة يسيرة سقطت ابنة لي من بعض السطوح فماتت وجفاه القاسم بن عبيد الله (وزير المعتضد) فجعل سبب ذلك المغنيتين وكتب إلى:

أيها المحتفى بحول وعور ... أين كانت عنك الوجوه الحسان

قد لعمري ركب أمراً مهينا ... ساءني فيك أيها الخلصان

فتحك المهرجان بالحول والعو ... رأرانا ما أعقب المهرجان

كان من ذاك فقدك ابنتك الحر (م) ... ة مصبوغة بها الأجفان

وتجافي مؤمل لي خليل ... لج فيه الجفاء والهجران

وعزيز علي تقريع خل ... لا يدانيه عندي الخلان

غير أني رأيت أذكاره الحزم ... وإشعاره شعاراً يصان

لا تهاون بطيرة أيها النظيا ... ر واعلم بأنها عنوان