للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خارجين على قوانين هذه الشركة الغابنة رافضين أرباحها وسهامها. عاملين على إفلاسها. وإصلاح موادها وبنودها. وإن أكبر مزايا المفكرين والعظماء. أمثال سقراط وأفلاطون وسبنسر، إنهم لم يعتدوا بالجماهير ولا أكثر الآراء الناس. ولا بالعادات والقوانين التي يعيش عليها الجماعات. وإنما جاؤوا بآرائهم على نقيضها. وأتوا بأفكارهم هادمة لأفكارها. (للكلام بقية).

أحمد محمود باشا

عضو الجمعية التشريعية عن دائرة شبرا خيت

نأخذ الآن في عرض ترجمة رجل ذكي الفؤاد، شديد العارضة. كان لفعل الوراثة في تكوين ذكائه. وتغذية نبوغه. أكبر الأثر وأعظم الأسباب فهو يحيا بيننا بتلك الفطرة القوية. التي انطبعت فوق أديم روحه من اثر فطرة أبيه. فتجلت في صورته المصغرة كل محاسن الصورة المكبرة. وكل دلائلهما وكل تقاطيعهما وما كان الذكاء الموروث إلا أشد في طبيعته من الذكاء البكر وأقوى في نوعه من الذكاء المحدث والمكتسب. لأنه يزداد قوة من جراء التلقيح. ويسمو في حسنه، ويصفو في جوهره، ويشتد في نضوجه، من فعل الانتقال. والذكاء الفطري الموروث هو أكبر أنواع الثروة، وأصلح ضروب المواريث، لأنه الأساس المتين المتماسك، الذي ينهض عليه نبوغ صاحبه، وتفوقه، وشخصيته.

هذا لأن المترجم به غصن من أغصان تلك الدوحة الفينانة اليانعة، التي أخرجت لهذا البلد أحسن ثماره وأنتجت للقطر أذكى بنيه، وأنبغ أهليه، فهو ابن المرحوم أحمد محمود الكبير، رجل كان كله ذكاء يتوقد، وبديهة تستعل وروحاً عظيمة تحترق، لا تستعين بذخيرة العلوم، ووفرة الفنون على إطفاء جذوتها، وإخماد نارها.

ولا يزال عارفو ذلك الرجل الكبير من الأحياء يشهدون بقوة ذكائه، وفي الموتى ألوف يعترفون بحدة عارضته، وناهيكم بشهادة الأستاذ المرحوم محمد عبده فقد قال يوماً، وكنا نعوده، بعد أن ذكر أحمد محمود وأسف لوفاته (لقد كان أذكى رجل مصري رأيته من غير الدارسين).

والمترجم به يستمد كل طبائعه ومزاياه، من تلك العصارة القوية، التي اغتذى منها سعد وفتحي، والتي لا تخرج من فروع تلك الدوحة المباركة، إلا الذكي والألمعي والقوي ذهناً