للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وملاك الأرض، ويطمعوهم في أنهم سيقبضون بعض ذلك على الأراضي الشاسعة، والغابات البعيدة الأرجاء، والأملاك المترامية الأنحاء، ويتخلصون ثم من دفع الضرائب، وكان هؤلاء الدعاة يريدون أن يثبتوا لبعض المتعلمين من العمال أن الحالة الاقتصادية الحاضرة على أشد الفساد وأنكر الفوضى، وإن وجب كل فرد وطني صادق الرجولة أن يعينهم على الخروج من هذه الملمة، وإن أول خطوة لبلوغ ذلك، هو أن يبدأوا بهدم السلطة الحاكمة.

وجملة القول أن المحرضين لم يصيبوا رائد النجح، ولم يعودوا مما طلبوا إلا بالخيبة، ووقع كثيرون منهم في أيدي الشرطة، ومن هؤلاء المجرمين من اكتشف الشرطة أسماؤهم من نفس الذين كانوا يريدون أن يعملوا على مصلحتهم المزعومة، ولكن سوادهم كان صلب المكسر، ثابت الجنان، رابط الجأش، متأهباً لاحتمال أية تضحية في سبيل فكرته، ولذلك لم يحجم الباقون عن متابعة عملهم، وقد نظر القضاء بين عامي ١٨٦١ و١٨٦٤ عشرين قضية سياسية، وحكم على أكثر المتهمين فيها بالسجن أو البقاء تحت المراقبة.

على أن شدة الشرط ودأبهم وتحريهم زادت سخط العدميين على الحكومة وكراهيتهم لها. فقد حاول في سنة ١٨٦٦ أحد العدميين وهو يدعى كراكوزف اغتيال القيصر، ولكن خابت طلبته، فأمر بزيادة التحري والمراقبة. وفي عام ١٨٦٩ ألف رجل منهم يدعى نتيشيف جمعية سرية باسم جمعية تحرير الشعب ولما ارتاب نتشيف في أحد أعضائها قتله فجر، قتله إلى القبض على بعض أفراد هذه العصابة الثورية وارتبط كثيرون من العدميين بالاشتراكيين في البلاد الأوروبية ولاسيما أتباع باكونين رأس الفوضويين وشيعته.

وكانت الحكومة القيصرية لا ترى جواباً لهؤلاء الخوارج إلا بالقبض على رؤوسهم وزعمائهم. فلما كان شتاء ١٨٧٨ قبض على ١٩٣ محرضاً وحوكموا علانية في سان بطرسبرج (بطرغراد) وحكم على أكثرهم بالسجن أو النفي.

على أنه لم تكثر جرائمهم ولم يزدد توثبهم إلا في عام ١٨٨٠ فقد قتل أحد العدميين الجنرال تريبوف محافظ بطرسبرج وهو يتظاهر بأن يقدم إليه عريضة استرحام وقتل مفتش الشرطة في رابعة النهار ثم أؤتمر على قتل خليفته. وقتل حاكم ولاية كراكوف البرنس كورباتكين، لاشتراعه نظاماً صارماً لمعاقبة المجرمين السياسيين، وهوجم القيصر