للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

البحرية - وتكاثر عدد سكانها المطرد - وملاصقتها من كل الجهات يجيران معادين لها أو مرتابين في سلوكها - وفوق كل ذلك تطرفها في الزهو بنفسها ومغالاتها في طمعها وظمئها للتوسع في التملك.

إن أمة كبيرة كهذه تتألف من ٦٥ مليوناً من النفوس، وتملك مثل هذه المصادر العظيمة في السلم وفي الحرب: وتشعر بمثل هذا الزهو المتطرف، وتحس من قوتها بهذا العجب المتعجرف، تجد نفسها محصورة في مضطرب. ضيق لا يتسع لارتقائها واطراد عدد سكانها، ولا يكفي لرغباتها وآمالها، في حدود ساعد على خلقها التاريخ والجغرافية والظروف، في حدود تحرسها مخاوف جاراتها التي دونها في البأس ولا تحرسها عداواتهم.

هذا هو البركان المتغلغل الثائر المصطخب الذي ترتكز عليه سياسة أوروبا.

وختم المستر هارسون نبوءته بالكلمة الآتية: إن أوروبا والمدنية في خطر واقع من حب التوسع الألماني - إن أمامنا أزمة هائلة، وإن الذين يعمون عنها أو يتعلمون سيتحملون جريرة نكبة من أفظع نكبات التاريخ.

وكذلك كل ما حذر.

الأسباب الحقيية للحرب الألمانية الأوروبية

كتب أحد كبار ساسة الإنجليز مقالاً هاماً في هذا الصدد آثرنا تعريبه لما حوى من دقة البحث وهدوء البحث وهدوء الاستنتاج وحصافة الرأي والتفكير، والغوص على الحقائق، إذ كان الكاتب من الذين قضوا السنين العديدة مجاوراً لوزارات الخارجية في جميع عواصم الغرب الكبرى، والمطلعين على خفايا السياسات ودقائقها: قال

إن الحجة الواهية التي تذرعت بها النمسا لإضرام نار هذه الحرب - وهي أن صربيا لم تصلح ما أفسدت بمقتل الأرشيدوق فرانسيس فرديناند وزوجته، لابد من أن تطرح جانباً إذا أردنا أن نبحث عن الأسباب الحقيقية الصادقة.

أي شأن كبير لصربيا، حتى تخاطر النمسا وألمانيا بكل شيء حتى بكيانهما للفتك بها؟ وما هي الفائدة الجلى التي تنتظرها روسيا من صربيا حتى يسارع القيصر إلى لم شعث جيشه واستدعاء جنده من أطراف قيصريته، ولم تكن أطلقت بعد بارودة واحدة؟.

تلك هي الأسباب التي يجب أن نسألها إذا أردنا أن نفهم العوامل التي ولدت هذه الحرب،