للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تستدر عليه أخلاف السعادة وبلهنية العيش وتنفى عنه أكداره.

ما هو الدين؟ هو كما أسلفنا وبعبارة أوجز وأجمع (الإسلام) وليس قولنا الإسلام كقولنا الإسلام والنصرانية واليهودية والمجوسية والصابئة والبوذية وما إلى ذلك وإنما هو كما جاء في القرآن الكريم وكما يشعر مدلول اللفظ أن تسلم وجهك لله وتخلص إليه التوحيد والعبادة وما يستتبع ذلك من الخلوص والتقى والصلاح وفعل الخير والتنكب عن الأذي والضير: فإن حاجوك فقل أسلمت وجهي لله ومن أتبعن وقل للذين اؤتوا الكتاب والأميين أأسلمتم فإن أسلموا فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما عليك البلاغ والله بصير بالعباد: لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون: ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه - والإسلام هكذا هو الدين الحنيف دين إبراهيم وموسى وعيسى وسائر النبيين بل هو دين الفطرة التي فطر الله الناس عليها: {إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده وأوحينا إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب ويونس وهرون وسليمان وآتينا داود زبوراً ورسلاً قد قصصناهم عليك من قبل ورسلاً لم نقصصهم عليك} {فأقم وجهك للدين حنيفاً فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون}.

أما ما أصار الدين أدياناً وجعله فرقاً وألواناً وأوجد هذا الاختلاف المبين وذلك التعدد المشين فإنما هو ضيق الفكر الإنساني وما جبل عليه البشر من الطمع والأثرة وما يريده القائمون بأمر الدين لأنفسهم من الهيمنة والسلطان والاستبداد بالعقول وما يصيب العقول في بعض الأحايين من الانحطاط والوهن وما يتسرب إلى الأذهان من الأوهام والأفن حتى يستحيل كل ذلك على كر الغداة ومر العشى ديناً وما هو بدين.

لذلك كانت هناك ملل ونحل ومذاهب وأديان: ولا يزالون مختلفين الأمن رحم ربك

أسلفنا أن الدين عند الله الإسلام وأنه دين الفطرة التي فطر الله الناس عليها فكان من البديهة لذلك إن الدين وجد مع الإنسان إذ لا حياة للإنسان بلا دين كما لا حياة له بلا قلب - وجد الدين مع الإنسان الأول ولكن لا في تلك الصورة التي نعرفها نحن وإنما في صورة هي أبسط وأليق بعقل الإنسان الموحش القديم وللعلماء في ذلك أي في ما هو أول معبود للإنسان وما الذي دفعه إلى التدين آراء مضطربة ومذاهب متناقضة لصعوبة أن يعرف