للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ولو ركن إلى نفسه وحدها وإلى قوة ذراعيه، فلعله قائل يوماً الحرب الحرب على الأغنياء! لي مثلهم نعمى هذه الأرض وبهجتها، إذ ليس هناك غيرها. لي الأرض! إذ كانت السماء خلوا فضاء، لي بل وللجميع، إذ كان الجميع في الحق سواء، فليت شعري أيها العقلاء المنطقيون الأعلام، ماذا تراكم قائلين له إذا عاد من هذه الحرب بالهزيمة، ورجع من الملحمة بخيبة المسعي؟.

أنتم ولاشك قوم أخيار محسنون وأنتم على حق في تدبير مستقبلكم، وسيأتي اليوم الذي فيه تسعدون، أما اليوم فنحن لا نستطيع أن نسعدكم ولا نستطيع أن نرضيكم الآن يقول الظالم لي الأرض!. . فيرد عليه المظلوم ولي السماء! ولكن بماذا هو مجيب إذا انكفأ من الحرب على الظالم مذموماً مدحوراً؟.

عبادة الملحدين

نعم - ولسوء الحظ - إن في الاجتراء على الله والتسخط عليه ترويحاً عظيماً للقلب المفعم المترع إن الملحد الذي يخرج ساعته من جيبه فيفرد بضع دقائق الله يتمرد فيها عليه ويثور ويلعن ويشتم، برى في هذه الدقائق القليلة كأنه استرجع لذة شقية شريرة، بل إنها لنوبة عصبية من نوبات اليأس، إنها لاستصراخة في الحقيقة بكل قوى السماء، إنها مخلوق شقي ضعيف يئن تحت القدم التي تسحقه، هي صيحة يأس عظيمة - ولكن من يعلم؟ لعلها في عين الذي يرى كل شيء نوع من أنواع الصلاة، وضرب من ضروب التسبيح.

عباس حلفظ

فردريك نيتشه الفيلسوف الألماني

ليست الفلاسفة جميعاً باجاً واحداً، بل هم ضربان مختلفان، وفريقان متباينان، فمنهم من نسميهم بالفلاسفة الأكاديميين أو النظريين، وهم أصحاب النظريات والطوبويات والمذاهب المتباينة المتعددة، وأولئك أمثال لوك وهوبز وهملتون وكونت وكانت وستوارت مل وسبنسر وغيرهم، ومنهم من ندعوهم بالإصلاحيين العمليين، مثل لوثر وروسو وفولتير وشوبنهور، أما الأولون فيفيدون الفكر الإنساني أكثر مما يخدمون الإنسانية نفسها، هم يعملون على توسيع نطاق العقل وتجديد ضروب المنطق والتخريج والتدليل، على نحو ما ترى من أصحاب الفرق والنحل في الإسلام، وأما الآخرون فهم الذين في حرب شديدة مع