للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

من سرعته حتى يمكن الإمبراطورة من مداناته، يكفي أن لدونا (اسم زوجته) وصفاءها ونساءها وحاشيتها، فليهتموا لها هم وليعتنوا.

وقد يلتقي الإمبراطور بامرأة لعلها زوجة أحد الضباط الجدد في محفل أو مأدبة فيعجب بجمالها ويشغف بحسنها، إذ ذاك لا يتأخر دقيقة واحدة عن التصريح بذلك أمام الحضور، مسترسلاً في مديح تقاطيعها، مكثراً من التنويه بوجوه حسنها، إن كانت رخصة اليد ناعمتها، أو كاعبة النهد بارزته، فإذا عمدت الإمبراطورة - وعلى رضاها يتوقف مركز كل امرأة في البلاط - إلى اسم السيدة التي نالت إعجاب الإمبراطور فمحته من قائمة زوار القصر، لم يظهر كذلك أقل اهتمام، فكأنما يرى الإمبراطور أن الشرف قد يعود فينبت ثانياً كما ينبت الشعر.

هذه مدام بوكن مثلاً، كانت عند الإمبراطور في مقياس الجمال آية الآيات ولذلك كم أكثر من الكلام عن يديها وقدميها، وكم أسهب في التشبيب بساعديها وكتفيها. بل كم زين حجرة مكتبه (بفتوغرافياتها) وزوق غرفة نومه وحجرة استقباله بعدة من صورها، ولكن السيدة نفسه لم تجز يوماً عتبة القصر، على الرغم من أن رئيس البلاط يضع اسمها في رأس القائمة سنين عدة عند كل حفلة تقام أو مأدبة تؤدب والسبب في ذلك أن الإمبراطورة وضعت يدها في القائمة فخابت مدام بوكان في كل شيء.

وهذه حادثة (فيلما بارلاغي) المصورة لا تكاد تفترق عن الحادثة المذكورة، فإن الإمبراطور أعلن عنها أكبر إعلان ونوه بها أعظم تنويه، وجعل يغدق عليها الأوسمة الذهبية و (المداليات) على الرغم من احتجاج جمعية الفنون الجميلة وعلى كره من مجمع برلين، وقد دعاها آخر الأمر لترسم بريشتها صورته فجاءت إلى القصر ولكن لشد ما أضحكني ذلك المنظر فقد أبت الإمبراطورة إلا أن لا تفارق زوجها لحظة واحدة وجعلت تجلس إلى جانبه في كل جلسة يريد تصويره عليها، وطفقت تمعن في وجه الرسامة الحسناء لكي تخجلها ولا تمكنها من إجادة عملها وإظهار براعتها فكنت أضحك في نفسي كما رأيت حيرة المصورة وأنا أتقدم أمام جلالتيهما إلى حجرة التصوير.

وأما عن تحدث الإمبراطور بنفسه واعتباره موارد الحكومة وأملاكها وثروتها كملكه الشخصي فحدث ولا حرج، كل شيء ملكه، (جيشي) و (بحريتي) و (ثغوري) و